يقول النفري: “كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة“.
نعم… ويشتدُّ ضيقها عندما تكون الرؤيا متعلقة بالوطن، خاصةً لأننا نعاصر، اليوم، نظاماً استبدادياً، يستمد تغوّله على شعبه نتيجة ارهاصات عالم طافح بالتحديات والتغيرات، حيث باتت الأمم ذات النفوذ تُسيّرُ باقي الشعوب في دروبٍ متعرّجةٍ ومسَالكٍ ظالمةٍ ومظلمةٍ كي تحقق طموحها في زعامة العالم.
سوريَّة ولّادَةُ حضارة أنجبتها منذ مليون ونصف سنة خلت، عندما قَدم البشر إليها، ازدانت بالإبداع والإبتكار والإزدهار متحديّة تناوب الغزاة والمستعمرين عليها إلى أنْ توَّلى الحكم فيها نظامُ استبداديٌ، دمرَّ خلال السبعين سنة الأخيرة البشر والحجر، وبات الحال على النحو التي تشهد عليه ثورة الشعب والأهوال التي يتلقاها حتى اليوم.
ورغم هذا الحال البائس، ما زال السوريون يصارعون الفناء بالدم والمال
وتحمّل قسوة التشرّد لتحقيق مستقبل زاهر يسعَوْن لبنائه وتحقيقه.
إنَّ استشراف مستقبل لسورية موجودٌ في كينونة وجدان كل السوريين طافحاً، ولم ينسكب بعد في بوتقة واحدة. الكلُّ ما زال في طور الطموح الذي ما فتأت تُجهضه التفرقة والمفارقات بين خارطات طرق يرسمها كل فريق وفق أحلامه ورؤيته. الكلُّ يؤمن أنَّ هذا المستقبل المنشود هو المآل الذي يمكن أن نصنعه بقوة إرادتنا، تضحياتنا في التخلي عن التفرُّد. وإنَّ المستقبل شأن جماعيّ، سيُصاغ بناءً على خياراتنا اليوم، وقراراتنا الجريئة غدًا.
لذلك استحدثنا (مآلات) لتكون منبراً للجميع، يختزنون فيها آرائهم ورؤاهم، توافقاتهم ومفارقاتهم، وفق أرشفة ممنهجة، علميًّ وعمليّة، توفر عليهم الوقت والجهد في استنباط متطلبات الشعب لدرء حدوث جدالات ديماغوجية تستنزف الزمن اللازم بالإقلاع بتأسيس سوريَّة المستقبل.
ستحسم “مآلات” الجدل – المألوف صحياً – الذي لا بد من وجوده بين كل الفرقاء خلال الوقت الضائع الذي علينا الاستفادة منه حالياً. فهذا المنبر متاح للجميع دون انحياز لأي كان، لأنَّ “مآلات” سوريَّة، وطنية الهويَّة، تؤمن بتنوع الفكر السياسي والديني والعَقَديّ، وأنَّ كل الأثنيات تحيا على هذه الأرض تاريخياً، قد انصهرت في بوتقةٍ وطنيةٍ واحدةٍ، وأصبحت متجذرةً حيوياً في بنيان المجتمع السوري.
إنَّ الحال الراهن في سورية معروفٌ للجميع. فمنذ سنوات طويلة، يعيش السوريون في ظلِّ حربٍ مستمرةٍ، ومشكلاتٍ معقَّدةٍ ومتراكمةٍ، تطال جميع جوانب الحياة. فالتدمير الهائل للبنية التحتية، والنزوح الجماعي، والضغوط الاقتصادية تحت خط الفقر، وانقطاع التعليم والخدمات الأساسية هي جزءٌ من الحقيقةِ الصعبةِ التي تكتنفُ الشعبِ السوريّ.
في الختام، سنكثف جهودنا لجعل أفكاركم وتطلعاتكم ذات فاعلية جماهيرية لتعزيز الوعي لدى السوريين، سواء كانوا داخل سورية أو في المهجر. ونهدف لتسليط الضوء على التحديات والفرص التي تمر بها سورية، لكي نعمل على معالجة النقائص والعمل على تحسين الوضع الحالي. كما نهدف أيضًا لتوفير معلومات موثوقة وتحليلات دقيقة تساعد في توجيه القرارات المستقبلية وفقاً لمطالب الشعب السوريّ.
نأمل منكم المشاركة البناءة لتحقيق أحلام وطموحات الشعب السوري نحو حياة لائقة وإزدهار مستدام يستحقونه.