مع مرور عقد ونيف من الزمن على بداية تغوّل نظام الأسد في قتل السوريين وتهجير الذين طالبوا بإصلاح الفساد وترسيخ حرية المواطن المسلوبة، يظل القطاع الزراعي في البلاد يعاني من تحديات هائلة. يعكس القطاع الزراعي تأثير الحرب المدمرة للبشر والحجر بشكل كارثي، وفقدان وجود آليات كفيلة لدى النظام لتحسين وإعادة بناء هذا القطاع، وفشله المزمن في تحقيق الاستدامة وتحقيق التنمية الزراعية اللازمة.
تقييم الوضع الحالي
بدءًا بتقييم الوضع الحالي، يبدو أن الزراعة السورية تعاني من تداعيات النزاع الطويل. الدمار الواسع النطاق للبنية التحتية الزراعية ومؤسسات الإنتاج، بالإضافة إلى انقطاع التمويل ونقص الإمدادات، أثر بشكل كبير على إمكانية المزارعين في ممارسة مهنتهم بكفاءة. يُضاف إلى ذلك تداول الفساد وتفشيه الذي عوَّق الجهود الزراعية وأثّر سلبًا على توزيع المساعدات الحكومية.
الأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي
الأمن الغذائي يشكل تحديًا كبيرًا في سوريا. بسبب تأثير النزاع وانخفاض الإنتاج الزراعي، يجب أن تتبنى الحكومة استراتيجيات لتحقيق الاستقرار في إمدادات مصادر الغذاء وتحسين التوزيع. يمكن تحقيق ذلك عبر تشجيع الإنتاج المحلي وتوجيه الاستثمارات نحو الزراعة. كما يجب على الحكومة تطبيق سياسات تعزز من إنتاج الغذاء البشري والعلف الحيواني وتحسين أسلوب التوزيع.
مكافحة الفساد
الفساد يشكل تحديًا كبيرًا لوزارة الزراعة والقطاع الزراعي بشكل عام. لذلك يعد مكافحة الفساد أمراً ضرورياً. لذا يجب على الحكومة تنفيذ إصلاحات مؤسسية وزيادة مستويات الشفافية والمساءلة. ذلك سيساعد في تحسين إدارة الموارد الزراعية وضمان توزيع المساعدات بشكل عادل.
تطوير البنية التحتية
تحتاج سوريَّة بشكل ملح إلى إصلاح البنية التحتية الزراعية المدمرة. إصلاح الطرق والجسور وتحديث المصانع وتوسيع مخازن التخزين، وتنظيم وسائل نقل المحاصيل، وتحسين الموارد المائية سيزيد من قدرة الزراعة على تلبية الاحتياجات المحلية والدولية.
تحفيز المزارعين والفلاحين
يجب تقديم دعم مالي وتدريب للمزارعين لزيادة إنتاجيتهم وزيادة كفاءتهم في استخدام التكنولوجيا الحديثة.
التنوع الزراعي
تشجيع التنوع في الزراعة يمكن أن يجعل القطاع الزراعي أقوى. ينبغي تشجيع زراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل وتربية مختلفة أنواع الماشية. والاستفادة من تطور المكننة والتقانة المستخدمة في استصلاح الأراضي البور لتوسيع المساحات الصالحة للزراعة.
استخدام التكنولوجيا الحديثة
التكنولوجيا التقانية وأساليب التواصل لتحسين الإنتاجية وتحقيق كفاءة أكبر في مجال الزراعة هو أمر ضروري. تكنولوجيا الزراعة الذكية والاستشعار عن بعد يمكن أن تكون ذات جدوى كبيرة.
التعاون الدولي
سوريَّة بحاجة إلى التعاون الدولي لإعادة بناء القطاع الزراعي، خاصة منظمة (الفاو الأممية) . الدعم والمساعدة من الجهات الدولية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تطوير هذا القطاع.
تمكين المزارعين
تشجيع المزارعين على تشكيل تعاونيات زراعية ومشاركتهم في صنع القرار يمكن أن يمنحهم القوة في التفاوض والتصدي للتحديات.
التنمية الريفية
نشر مراكز التدريب واشراف الخبراء لتأسيس مشروعات تنمية ريفية مستدامة يمكن أن تدعم المجتمعات الريفية وتحسن ظروف المعيشة.
تأثير القوانين واللوائح
ضرورة تقييم القوانين واللوائح المتعلقة بالزراعة والتوصية بإجراء التحسينات اللازمة.
تحليل الأسواق والتسويق
تحسين استراتيجيات التسويق وزيادة الوصول إلى الأسواق المحلية والدولية يمكن أن يزيد من قوة القطاع الزراعي.
الابتكار والتكنولوجيا الجديدة
تكنولوجيا الزراعة الحديثة والابتكار في الزراعة يمكن أن يقوي القدرة على تحقيق إنتاجية أكبر.
تقييم التأثير الاجتماعي
تحليل تأثير إعادة بناء الزراعة على المجتمعات المحلية والمجتمعات الريفية من حيث التوظيف والدخل والتنمية المستدامة.
الختام
يمكن أن يكون هذا الوضع الزراعي الصعب في سوريَّة فرصة لتطبيق تغييرات هيكلية ملموسة. إذا تم تكثيف الجهود وتنسيق العمل بين الحكومة والجهات الدولية والمختصين في مجال الزراعة والتنمية، فإن تحسين الزراعة وتحقيق الاستدامة يمكن أن يصبحا واقعيين.
نأمل من السادة الخبراء والمهتمين بالشؤون الزراعية المشاركة بأفكارهم وتجاربهم في سبيل بناء مستقبل زراعي أكثر استدامة وازدهارًا للمزارعين والمجتمعات المحلية،كي تكون هَدياً لقادة المستقبل القادمون بلا ريب.