مدخل توضيحي :
يرى الكاتب (أي وزير الإعلام الأسبق الأستاذ محمد الزعبي) أنَّ من حق القارئ عليه، أن يبيّن السبب الذي سمح له بتوجيه اللوم والنقد لمرحلة حزبية كان هو شريكاً فيها، بداية كعضو في المجلس الوطني لقيادة الثورة (1964)، ومن ثم كعضو في القيادة القطرية للحزب(1965)، وثالثاً ، كمشارك في انقلاب القيادة القطرية على القيادة القومية بتاريخ 23 شباط 1966 وكأمين عام مساعد للقيادة القومية الشباطية الجديدة، وأخيراً كوزير للإعلام ( من 16.10.1966 إلى 30.09.1967) في وزارة د. يوسف زعين عندما شعر الكاتب من خلال الممارسة العملية لحركة 23 شباط 196، بالخلفية الطائفية لهذه الحركة ، قام بتاريخ 26 آذار 1967 بتقديم مداخلة نقدية شاملة لمسيرة حركة 23 شباط 66، في اجتماع موسّع ضم القيادتين القومية والقطريةلحزب البعث، (كان الكاتب عضواً في القيادة القومية فقط) ثم غادر الإجتماع.
وفي اليوم التالي وصله من القيادة الحزبية القرار التالي بواسطة عضو القيادة القومية السيد (حاكم الفايز). وكما أبلغني المرحوم الفايز، فإنَّ هذا القرار هو اقتراح قدمه اللواء أحمد سويداني بخط يده إلى اجتماع القيادة ( بعد مغادرتي الإجتماع)، التي أقرته وكلفت حاكم الفايز بتبليغه لي (رحم الله الإثنين). علماً أن اللواء سويداني هو من أكد لي لاحقاً في لقاء خاص، كيف أن (البلاغ 66) قد أفسد عملهم هو وبعض كبار ضباط الجيش الذين كانوا معه في الجبهة (الجولان) ، حيث كانت أقرب دبابة إسرائيلية تبعد عن مدينة القنيطرة مالا يقل عن أربعة كيلومتر( كلام اللواء سويداني ) عندما صدر (البلاغ 66) عن وزير الدفاع حافظ الأسد الذي كان يقود غرفة العمليات في مكان ما بدمشق.
وبما أنني لم أعتذر عما ورد في مداخلتي النقدية المشار إليها، ولم تقم القيادة بالإجراءات الحزبية المفترضة ضدي، فقد أصبح وضعي الحزبي والسياسي معلقاً، بل إن القيادة الحزبية، (أعني بالقيادة الحزبية اجتماع القيادتين القومية والقطرية معاً)، قد قررت أنْ يشرف على وزارة الإعلام إلى جانبي كوزير للاعلام آنذاك، كل من الدكتور نور الدين الأتاسي الأمين العام للحزب، واللواء صلاح جديد الأمين العام المساعد لشؤون القطر السوري، إن هذا كان يعني تطبيقياً ” إشرافاً مزدوجاً ” على وزارة الإعلام، واستمر هذا الإشراف المزدوج (!!) إلى مابعد حرب حزيران 1967 (المؤتمر القطري الإستثنائي الذي عقد في اللواء 70 في الكسوة في أواخر سبتمبر 1967)، حيث نأيت بنفسي عن المشاركة الحزبية والسياسية، وسافرت إلى ألمانيا لدراسة الدكتوراة. هذا وقد تم فصلي من الحزب عام 1969، إثر تقديم استقالتي من الحزب في نفس ذلك العام.
وبعد أن ألغت قيادة حافظ الأسد القطرية المعينة قرار الفصل (!!). شاركتُ في الإنتخابات الحزبية، ووصلت منتخباً إلى المؤتمر القومي، وهنا خشي حافظ أن أترشح للقيادة القومية، ويصبح من الصعب عليه التخلص مني إذا ماأصبحت عضواً فيها، ولا سيما أنه يعرف موقفي من طائفيته. فطلب مني مباشرة عدم الترشح لهذه القيادة، وهنا أدركتُ البعد التهديدي في طلبه هذا.
غادرت سوريا مع كامل أسرتي بصورة نهائية بداية إلى ألمانيا الديموقراطية 1968، حيث أكملت رسالة الدكتوراة الأولى عام 1993، وأخيراً خارج سوريا يصورة نهائية في 29 .أكتوبر 1994، وذلك إثر مشادة كلامية مع حافظ الأسد وزمرته في آخر مؤتمر قطري لحركة حافظ ( التصحيحية !! ) حضرته عام 1974، حيث أبلغني رجل أمنٍ من معارفي كان يرأس أحد الأجهزة الأمنية، بضرورة مغادرة سوريا فوراً قبل أن يتم اعتقالي.
لقد حاول حافظ الأسد اللعب بورقة محمد الزعبي بعد انقلابه على صلاح جديد 1970، فقررت قيادته القطرية المعينة إلغاء قرار الفصل الذي اتخذته قيادة صلاح جديد، بيد أن محمد الزعبي كان يعرف جيداً، أكذوبة الإنتماء الحزبي لمجموعة الضباط الذين أتوا بحافظ إلى الحكم، والذين وضعوا صلاح جديد بأوامر من حافظ في السجن، والذين هم حكام سوريا الحقيقيين منذ 23 شباط 1966 وحتى اليوم.
ويعرف الجميع اليوم دورهم في تدمير سوريا، وفي تقتيل مئات الألوف، وتهجير الملايين من سكانها (وخاصة منذ ثورة آذار 2011)، وتعفيش بيوتهم، وتسليمها لأعوانهم من الطائفيين أتباع وليّ الفقيه، وأيضاً دورهم في الإستعانة بالقوى الخارجية (روسيا وإيران وحزب الله خاصة) على أبناء الشعب السوري، الأمر الذي يسمح للمرء أن يتساءل عن درجة الفروق الحقيقية بين هذا وذاك وذيّاك، من أتباع انقلاب 23 شباط عام 1966؟!، مع العلم أن الموقف الأخلاقي، يقتضي التفريق بين القاتل والمقتول، الساجن والمسجون، في ذلك الصراع الخشن الذي كان يدور داخل حزب البعث بين أجنحته المختلفة مابين عامي 1963 و 1970 بصورة خاصة.
جهل الأجيال الصاعدة بتاريخ الخامس من حزيران 1967
إن ما دفع بي إلى الدخول في هذا الموضوع الآن وهنا، هو ماشاهدته وما سمعته على شاشة إحدى الفضائيات، من أن العديد من أبناء وبنات الأمة العربية، ولاسيما الجيل الجديد منهم، باتوا لايعرفون ولا يذكرون شيئاً عن ماهية (ماهو) هذا التاريخ، ( الخامس من حزيران 1967)، الذي يعتبر التاريخ الأبرز والأهم والأخطر في حياة سورية، بل في حياة أمتنا العربية في العقود الستة الأخيرة .
إن ما أرغب تثبيته هنا، بداية، هو أن السبب الرئيسي الكامن وراء عدم معرفة المواطنين العرب، ولا سيما الأجيال الجديدة منهم، لمضمون وأبعاد وماهية تاريخ الخامس من حزيران عام 1967 وعقابيله المأساوية، إنما هو تعمّد نظام نكسة/هزيمة حزيران 1967، إخفاء هذا التاريخ المشؤوم عن عيون وآذان وأذهان المواطنين السوريين والعرب، بالرغم من أنَّ (إسرائيل) احتلت في ذلك العام، وبالذات في ( 5 حزيران 1967) جزءا استراتيجياً من سورية (هضبة الجولان)، وقامت بضمّه رسمياً إلى كيانها المصطنع عام 1981، والذي يعتبر حاقظ الأسد مسؤولاً سياسياً وأخلاقياً وعسكرياً عن هذه الهزيمة، وعن هذا الإحتلال.
لقد بات المطلوب بالنسبة لعائلة الأسد هو أن ينسى الناس أن لهم أرضا محتلة، وأن عليهم مسؤولية تحريرها واستعادتها. الأمر الذي يعتبر ليس مثيراً للاستهجان وحسب، وإنما لوضع ألف إشارة استفهام وتعجب واستغراب أيضاً (؟!).
النكسة الحقيقية
إن النكسة الحقيقية لم تكن ــ بنظرنا ــ هي فقط هزيمة جيوش مصر وسورية والأردن أمام إسرائيل في حزيران 1967، ولا سيما أن إسرائيل كانت منذ قيامها عام 1948، وما تزال تحارب بالوكالة عن النظام الرأسمالي والإمبريالي العالمي، الذي كان يمدّها دائما بكل مستلزمات الإنتصار على العرب أجمعين، وإنما النكسة الحقيقية كانت بضمور بل وموت إرادة الصمود والتصدي والدفاع عن الأرض والعرض والكرامة عند معظم الأنظمة العربية (إن لم نقل كلها)، وعند أنظمة الهزيمة الذين احتلت “إسرائيل” أراضيهم، ودمرت جيوشهم على وجه الخصوص،
تلك الأنظمة التي انطلقت جحافلها في الخامس من حزيران 1967 لكي تحرر فلسطين، كل فلسطين، من الإحتلال الإستيطاني الإسرائيلي، لكنها عادت إلينا بعد العاشر من حزيران 1967 بالقرار 242 الذي حصر القضية كلها ب ” إزالة آثار العدوان ” والذي كان يعني عمليا، خذوا فلسطين (الله يسامحكم فيها) وأعيدوا إلينا الأراضي التي احتليتموها في حرب الخامس من حزيران 1967، والذي ( القرار 242 ) تمت ترجمته السياسية لاحقاً إلى “الأرض مقابل السلام”. وتم توصيفه من المهزومين ومعهم كافة أنظمة جامعة الدول العربية بـ “السلام العادل والشامل” (!!)، متجاوزين حوالي ثمانية ملايين فلسطيني يعيشون في الشتات، بل ومتجاوزين كذلك القررات الأممية، ولا سيما القرارين 181 قرار التقسيم (18.11.1947)، و 194 قرار حق العودة والتعويض (11.12.1948) !!.
ويحضرني في هذا المقام ماقاله لي المرحوم الأستاذ والفيلسوف زكي الأرسوزي، ابن الإسكندرون، وأحد آباء حزب البعث العربي، عندما زرته في المستشفى بُعيْد هزيمة حزيران 1967، قال: لقد نصحت الحاكمين العلويين (هذا كلامه) بأن يستقيلوا من الحكم. وهنا سألته (وهو العلوي): وهل تعتقد ياأستاذ أن الحاكمين الآن هم العلويون، فأجابني بدون تردد ” نعم”، لقد جاؤوا إلى الحكم لتحرير فلسطين، (كما أوهموه على مايبدو) ولكنهم فشلوا، فعليهم أن يستقيلوا. رحم الله الفيلسوف العربي الكبير والشريف واللاطائفي زكي الأرسوزي.
حافظ الأسد والبلاغ العسكري رقم 66
تنبع أهمية التوقف عند هذا الموضوع ، والذي كنت الشاهد الرئيسي فيه، بحكم وضعي الحزبي والسياسي إبان صدور هذا البلاغ ، في كونه يلقي ضوءاً على كثير من الممارسات اللاحقة لحافظ الأسد، ولا سيما انقلابه العسكري عام 1970 (الحركة التصحيحية / التضليلية !!) على قيادة حركة 23 شباط 1966، وتوريثه حكم سوريا من بعده لولده بشار .
إن قصة هذا البلاغ 66 – كما أتذكرها جيداً – هي كما يلي :
- كانت البلاغات العسكرية المتعلقة بحرب حزيران عام 1967 تأتي إلى مديرية الإذاعة والتلفزيون التي كان يرأسها المرحوم عبد الله الحوراني من غرفة العمليات العسكرية التي كان يتواجد فيها وبرأسها وزير الدفاع (حافظ الأسد). شكا إليَّ السيد الحوراني، من أن هذه البلاغات العسكرية التي تصله من غرفة العمليات تنطوي على أغلاط لغوية، وبالتالي فإنه لايمكن إذاعتها دون تصحيح هذه الأخطاء.
- اتصلت على الفور بحافظ الأسد، واقترحت عليه أن نرسل لهم إلى غرفة العمليات إعلامياً متمكناً من الناحية اللغوية، هو السيد أحمد اسكندر الأحمد، الذي كان يعمل يومها في وكالة سانا ( صارلاحقاً وزيراً للإعلام عند حافظ )، يقوم بالتصحيح اللغوي للبلاغات العسكرية قبل أن ترسل إلى الإذاعة والتلفزيون، فوافق حافظ على ذلك الاقتراح، وتم وضعه موضع التنفيذ. استمرت البلاغات العسكرية تتوالى بصورة طبيعية وروتينية من غرفة العمليلات إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون، إلى أن وصلنا البلاغ رقم 66 موضوع هذه الفقرة.
- جاءني السيد عبد الله الحوراني ليخبرني أنه قد وصلهم بلاغ من غرفة العمليات يشير إلى سقوط مدينة القنيطرة ( عاصمة هضبة الجولان)، أخذت منه البلاغ (رقم66) وبعد قراءته وضعته في مغلف خاص، وسلمته إلى مدير مكتبي السيد عزيز درويش وطلبت منه أن يذهب به إلى مبنى القصر الجمهوري (على ماأعتقد) حيث يجتمع كبار قياديي الحزب (الأتاسي، جديد، زعين، ماخوس) ، ويسلمهم الرسالة – البلاغ- الذي وصلنا من غرفة العمليات، للوقوف على رأيهم فيه. ذهب عزيز درويش وسلمهم الرسالة، وبعد أن قرؤوها، اتصل بي المرحوم الدكتور يوسف زعين ( رئيس الوزراء آنذاك )، ليبلغني أنَّ ” الرفيق حافظ ” قد أبلغهم بمضمون هذا البلاغ، وأن عليَّ أن أذيعه. عاد عزيز درويش بالبلاغ، وتمت إذاعته .
- بعد مرور حوالي نصف ساعة من إذاعة البلاغ، اتصل بي هاتفياً وزير الدفاع حافظ الأسد ليبلغني بوجود إشكالية تتعلق بالبلاغ المذكور، وعندما استوضحته عن هذه الإشكالية قال: يبدو رفيق محمد أن القنيطرة لم تسقط بيد الجيش الإسرائيلي، فسألته: ولماذا بعثتم إلينا إذن ببلاغ سقوطها (البلاغ 66) فقال: لقد اتصل بي ضابط من الجبهة (لم يذكر لي إسمه ولا رتبته)، وأبلغني أنَّ القنيطرة قد سقطت، وأنا صدقته، وأرسلنا لكم البلاغ على هذا الأساس (!!)، أردف حافظ موضحاً: واقع الحال رفيق محمد أن المدينة مطوقة من الإسرائيليين، وهي من الناحية العسكرية بحكم الساقطة، وكل ماهنالك أنهم لم يدخلوها بعد. (وهذا خلاف ماقاله لي اللواء المرحوم أحمد سويداني رئيس الأركان في الجيش السوري، من أن أقرب دبابة إسرائيلية كانت تبعد أربعة كيلو مترات عن مدينة القنيطرة عندما غادرها هو بعد عدة ساعات من صدور بلاغ الأسد رقم 66) قلت له: سوف نقوم هنا بإعداد بلاغ جديد لتسوية هذا الخطأ، وسأقرأ عليك نص البلاغ حالما ننجزه لأخذ موافقتك عليه وإذاعته كبلاغ عسكري تحت رقم 67، فأنعم بالموافقة.
- قمت بالاشتراك مع عبد الله الحوراني، بصياغة البلاغ الترقيعي الذي أخذ بعد موافقة حافظ الأسد عليه الرقم 67، والذي كان مضمونه الترقيعي الكاذب، أن قتالاً داميا وشرساً يدور داخل مدينة القنيطرة بين الجيشين السوري والاسرائيلي، وكان هدفنا من هذا البلاغ، إشعار الناس أنه إذا مادخلت إسرائيل القنيطرة (كما نصَّ البلاغ 66)، فقد دخلتها بعد مقاومة الجيش السوري لها، وإن لم تدخلها ( كما كان واقع الحال عند إذاعة البلاغ 66) فإن مقاومة الجيش السوري (الباسل !!) هي من أخرجها منها بعد أن دخلتها.
يَعرف الكاتب أنه بصياغته للبلاغ 67 ( الكاذب)، كان يُخْرج حافظ الأسد من ورطة البلاغ 66 (الكاذب أيضاً)، ولكنه ـ أي محمد الزعبي ـ لم يكن يشك في ذلك التاريخ بوطنية حافظ، بل ولم يكن يخطر على باله يومئذٍ ذلك الدور المشبوه والقذر الذي لعبه لاحقاً في سوريا، والذي أورّثه لولده بشار بعد موته عام 2000 م، والذي مايزال هو (بشار) وأعوانه ( قاسم سليماني، حسن نصر الله، بوتن) يلعبونه بقذارة ضد ثورة آذار 2011 حتى هذه اللحظة .
شهادة المرحوم فؤاد بريك
كتب المرحوم الرائد فؤاد منصور بريك، الضابط في الجيش السوري وآمر كتيبة استطلاع أحد الألوية التي اشتركت في حرب حزيران 1967، وتحت عنوان “حرب 1967″ وذلك في رسالة شخصية منه إلي قبيل وفاته قي كندا، أقتطع منها مايلي:
-
إنَّ أهم خلاصة استنتجتها من هذه الحرب، [هي] أننا كحزب وكأفراد قد أجرمنا بحق المجتمع، وفشلنا في القيام بواجبنا بالدفاع عن أرض الوطن. ( … ) ولا تزال في مخيّلتي الصورة المهينة التي تم فيها انسحاب الجيش السوري من الجولان. وكان استطلاع اللواء وحدتي العسكرية …؟ هكذا وردت في الرسالة.
وأضاف:
-
كان الوقت صباحاً، وآليات اللواء الذي تتبع له وحدتي تواصل انسحابها. لفت نظري وجود كثير من الصناديق المغلقة متناثرة على جانبي الطريق، طلبت من الآليات التي بإمرتي التوقف، ونزلت وتفحصت بعض الصناديق الخشبية، ففتحت أحدها ليتبين لي أنها مدافع مضادة للدبابات >RBG7< [وجدت الرمز قد انزلق إلى مكان آخر في النص الأصلي للرسالة وأنا من وضعه هنا ]، مغلقة ومغطاة بالشحم، وعلى الفور طلبت من الجنود إنزال أكياس البحارة وكل الألبسة الخاصة بالجنود من المصفحات، وطلبت منهم إحراقها ووضع الصناديق (48) في المصفحات. ونقلتها جميعاً إلى الموقع الجديد الذي نقلنا إليه.
وتابع موثقاً:
-
في اليوم التالي زارنا في الموقع اللواء صلاح جديد لأنه صدر أمر بتسريح اللواء الاحتياط، وكنت قد توليّت موضوع الإشراف على أسلحة اللواء وعتاده لحين التسريح. أخبرت اللواء صلاح جديد بأني طلبت من الجنود إحراق أكياس البحَّارة من أجل تحميل الأسلحة المضادة للدبابات التي وجدتها في الطريق، وطلبت منه أن يستثني الجنود الذين بإمرتي من التغريم بثمن المعدات الشخصية التي فقدوها. وتم فعلاً أصدار أمر من القيادة باستثناء عناصر استطلاع اللواء من غرامة المعدات الشخصية للأفراد. وقال لي اللواء صلاح جديد، سيأتيك مندوبين عن ألوية الجبهة الجديدة ويحملون ورقة بتوقيعه أو توقيع اللواء حافظ الأسد من أجل استلام الأسلحة المضادة للدروع التي جلبتها معي، وأكمل قائلاً تعطي كل مندوب ثلث الكمية من المدافع (!!!) ..... ".
عبد الناصر وحرب الإستنزاف
يعرف الكاتب هنا، أن الكثير من أصابع الإتهام في هزيمة حرب حزيران 1967 تشير إلى جمال عبد الناصر، سواء إلى هزيمة جيشه، أو إلى قبوله بقرار مجلس الأمن 242، الذي ينطوي في مضمونه على الإعتراف بالكيان الصهيوني في فلسطين، بيد أنه (الكاتب) وهو لاينكر مسؤولية عبد الناصر عن هاتين المسألتين: (النكسة والقبول بالقرار 242)، يعرف تماما (كما يعرف الجميع أيضاّ) أنَّ عبد الناصر قد شرع مباشرة بعد تراجعه عن الإستقالة، في إعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة المصرية، اعتمادا على تصميم الشعب المصري على الثأر لحريته وكرامته من العدو الصهيوني، وأيضاً على علاقته (عبد الناصر) مع الإتحاد السوفييتي الذي وضع تحت تصرفه كل مايساعده على إعادة الإعتبار لجيشه وشعبه، والذي سمح له أن يبدأ ماعرف بحرب الإستنزاف عام 1969 ، تلك الحرب التي بدأت تصيب من الإسرائيليين مقتلاً، ولا سيما في الجو والبحر، والتي مهدت الطريق لأنور السادات، بعد وفاة عبد الناصر 1970 ، لتحقيق ذلك النصر الجزئي عام 1973 (أنظرالفقرة التالية) . والذي تمثل في عبور أبطال القوات المسلحة المصرية إلى الجهة الشرقية من قناة السويس، وتدمير الخطوط الدفاعية الإسرائيلية في تلك المنطقة، والتي يشبهها البعض بخط ماجينو في الحرب العالمية الثانية. هذا في الوقت الذي تشهد فيه ( جبهة الجولان ) هدوءاً كاملاً وشاملاً وآمناً منذ 1967 وحتى اليوم .
حرب التحريك 1973
لقد مثل وصول أنور السادات إلى قمة السلطة في مصر العربية ـ برأينا ـ بداية النكسة الحقيقية للأمة العربية ، ذلك أن هذا الوصول كان انقلابا فعليا ليس فقط على الناصرية وإنما على قيم ومبادئ ثورة 23 يوليو نفسها ، حيث بدأ وبالإتفاق مع هنري كسنجر عملية التمهيد لتخلي مصر عن القضية الفلسطينية، بما في ذلك التخلي عن مسؤوليتها القومية والأدبية عن قطاع غزة ، الذي كان قبل الهزيمة قطاعاً مصرياً ، وذلك بطرد الخبراء السوفييت من مصر ، كخطوة على طريق حربه المحدودة عام 1973 ، والتي كانت الجسر الضروري والتكتيكي الذي عبر منه وعليه أنور السادات إلى القدس ومنها إلى واشنطن لتوقيع اتفاقية ” السلام العادل والشامل ” !! (اتفاقية كامب ديفد) مع الكيان الصهيوني، والتي أعادت جزيرة سيناء إلى مصر شكلا فقط وأبقتها مضمونا تحت الإحتلال الإسرائيلي. إن الصيد الثمين في هذه اللعبة الكسنجرية كان هو جمهورية مصر العربية، التي تمثل الثقل العربي النوعي والأساسي في الصراع العربي الإسرائيلي، والذي قيل فيه :
لاحرب بدون مصر، ولا سلام بدون سورية. وكما نرى اليوم التعاون القائم على قدم وساق بين السيسي وإسرائيل في كل من سيناء وغزة ( إغلاق معبر رفح).
لقد وضعت اتفاقية كامب ديفد بين مصر وإسرائيل عام 1979 المدماك الأول والرئيسي في جدار الإعتراف العربي الرسمي بإسرائيل، والذي وضعت أسسه التحتية حرباً 1967 و1973 ، ومن ثم توالت مداميكه تترى في مؤتمرات القمم العربية اللاحقة ، والتي كان آخرها وأكثرها قرباً من كامب ديفد السادات ما سميَّ ب (المبادرة العربية للسلام) – (مبادرة الأمير ولاحقاً الملك عبد الله) التي تم إقرارها بالإجماع (!!) في مؤتمر بيروت عام 2002، وتتابع تبنيها وترحيلها بالإجماع أيضاً (!!)، من مؤتمر قمة عربي إلى آخر ، والتي كان آخرها قمة عمّان 2017. بينما كانت ترفضها إسرائيل جملة وتفصيلاً . واقع الحال أن هذه (المبادرة العربية !!) كانت إحدى الثمرات المُرَّة في شجرة الخامس من حزيران 1967.
قرار قمة الرباط 1974
إن أحد المداميك الهامة في سلسلة التخلي العربي الرسمي عن القضية الفلسطينية، كان قرار قمة الرباط (26.10.1974) التي اعتبرت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وهو مايعني إخلاء ذمة وطرف مصر حيال مسؤوليتها عن قطاع غزة الذي كان في عهدتها قبل أن تحتله إسرائيل في حرب حزيران 1967، وكذلك إخلاء طرف وذمة المملكة الأردنية الهاشمية من مسؤوليتها حيال الضفة الغربية من نهر الأردن والتي كانت بدورها في عهدة النظام الأردني قبل أن تحتلها إسرائيل في نفس العام المذكور، وإخلاء ذمة الأنظمة العربية كلها عن مسؤوليتها القومية تجاه فلسطين التاريخية، بما فيها نظام عائلة الأسد الذي بات الآن (نظرياً) مشغولاً بتحريرهضبة الجولان السورية، وترك الفلسطينيين لوحدهم ” يقلعون شوكهم بيدهم “، كما سمعته بأذني من مسؤول كبيرفي حكومة حافظ الأسد بعيد الهزيمة مباشرة.
إنَّ المسكوت عنه في هذا القرار (قرار قمة الرباط)، يتمثل واقعيا بلعبة عربية ـ إسرائيلية ـ فلسطينية مشتركة ومزدوجة ، أعطت الفلسطينيين الحق في تقريرمصيرهم حول قضيتهم بانفسهم من جهة، ولكنها قزّمت هذه القضية من تحرير فلسطين التي استولت عليها إسرائيل عام 1948، أوعلى الأقل تحرير القسم من فلسطين المحدد في القرارالأممي (181) 49% من فلسطين التاريخية إلى حكم ذاتي على قطاع غزة وجزء من الضفة الغربية والذي أصبح بعد بناء المستوطنات والطرق الإلتفافية لا يمثل سوى أقل من 12% من مساحة فلسطين التاريخية ) من جهة أخرى، أي أن هذه القمة العربية أعطت الفلسطينيين مكسبا شكليا بيدها اليمنى، ( حقهم في إدارة شؤونهم بأنفسهم) ثم سلبته منهم فعليّاً بيدها اليسرى (تحديد هذا الحق بحكم ذاتي أعرج على ما بقي من فلسطين قبل الرابع من حزيران 1967). وهو ما أوضحه لي شخصياً الأخ أبوعمار (ياسر عرفات) في مكتبه بصنعاء وهو في طريقه إلى “مؤتمر مدريد للسلام ” 1991. وهنا أيضا ، فإن الأب الشرعي لهذا القرار، هو هزيمة الخامس من حزيران عام1967 ، وبلاغ حافظ الأسد الكاذب رقم 66.
قضايا ودلالات ذات صلة بحرب حزيران1967
لقد ترتب على استلام حزب البعث للحكم في سورية 1963 السلبيات التالية :
- بروز وتضخم الظواهر الاجتماعية المرضية، سواء داخل حزب البعث نفسه، أو داخل المجتمع ككل (القبلية ، العشائرية ، الطائفية ، الجهوية ، القطرية)، وذلك على حساب الطابع القومي والديني الذي كان يطبع كلاًّ من االأحزاب السياسية والمجتمع في تلك الفترة .
- اللجوء إلى الانقلابات العسكرية (البلاغ رقم 1) التي سبق أن افتتحها حسني الزعيم عام 1949 وإلى التصفيات الجسدية، سواء داخل الحزب نفسه، أو على مستوى الدولة والمجتمع، في إطار هذه الإنقلابات (انقلاب القيادة القطرية على القيادة القومية في 23 شباط 1966).
- تراخي، إن لم أقل تخلي الحزب عن شعار الحرية (والذي هو أحد شعارات الحزب الثلاثة المعروفة (الوحدة والحرية والإشتراكية)، وبالتالي عن الممارسة الديموقراطية، عندما وصل إلى السلطة الأمر الذي أوصل سورية عام2000 إلى مستنقع ” التوريث “، وحولها من نظام جمهوري برلماني إلى نظام شبه ملكي يحمل زوراً اسم ” الجمهورية … ” (جملكي) أي جمهوري/ملكي.
- وقوع هضبة الجولان في حرب حزيران 1967 تحت الإحتلال الإسرائيلي، وإصدار حافظ الأسد للبلاغ 66 الكاذب، والصمت المشبوه لكل من الأب ( حافظ ) والإبن (بشار) على هذا الإحتلال منذ 1967 وحتى يومنا هذا .
- التخلي الفعلي عن القضية الفلسطينية ، وتبني حافظ الأسد رسميّاً لشعار ” السلام مع إسرائيل ” ( التي ما زالت تحتل فلسطين وهضبة الجولان ) ” كخيار استراتيجي ” ، أي عملياً ، طي صفحة مقولة “ما أخذ بالقوة لايسترد إلاّ بالقوة“، لصالح مقولة ” الجيش العقائدي ” الذي باتت وظيفته الأساسية، وبحكم تكوينه الطائفي، الدفاع عن النظام وليس عن الوطن. بل و مغازلة إسرائيل ( حت الطاولة)، والجعجعة بالمقاومة والممانعة (فوق الطاولة) .
انقسام حزب البعث إلى أربعة أجنحة متناقضة ومتصارعة
- الجناح الناصري الذي ظل متمسكاً بضرورة العودة إلى الوحدة ( ج ع م ) ،وكان من أبرز قادته ، الدكتور جمال أتاسي، و عبد الكريم زهور، وفايز اسماعيل، والذي (الجناح الناصري) تشرذم بدوره لاحقاً، ولا سيما، بعد انفراد حافظ الأسد بالسلطة عام 1970، حيث شارك قسم منه في جبهة حافظ ( التقدمية!!) ، وبقي القسم الآخر في المعارضة .
- الجناح العفلقي، الذي ظل ينادي من جهة بالعودة إلى الوحدة ، ومن جهة أخرى كان حريصاً على بقاء سورية تحت حكم الحزب الواحد (حزب البعث) ، الذي كان الأستاذ ميشيل عفلق أمينه العام، وقائده المؤسس، وهو ما يعني ــ تطبيقياً ــ الحرص على بقاء واستمرار الانفصال. علماً أن الطابع الغالب على هذا الجناح كان الطابع المدني المطعًم ببعض العسكريين.
- الجناح العسكري ( المطعّم ببعض المدنيين) ، الذي تجسّد بما سمي بـ ” اللجنة العسكرية “، والتي كانت تنطوي على انقسامات طائفية وجهوية عميقة ، ظاهرها الإلتزام بقيادة الحزب القومية ( ميشيل عفلق / منيف الرزاز )، وباطنها تهيئة الظروف السياسية والحزبية المناسبة للانقضاض على هذه القيادة والتخلص منها، وهو مانفذ فعليّاً ولكن على مرحلتين :
-
- الأولى: في 23 شباط 1966،
- والثانية في16 نوفمبر 1970 ( حركة حافظ الأسد التضليلية).
-
- جناح أكرم الحوراني، الذي توافق كل من الجناحين المدني والعسكري في الحزب (ميشيل عفلق وصلاح جديد وحافظ الأسد) على تصفيته باعتباره كان مؤيدا بصورة مكشوفة ومعلنة للإنفصال، أي ـ واقعياً ـ لم يكن عنده فيما يتعلق بهذا المضوع كما الآخرين ظاهر وباطن.
أحداث 18 تموز عام 1963
والتي تمثلت بالمحاولة الإنقلابية الناصرية التي قادها جاسم علوان ضد استيلاء حزب البعث على السلطة بعد ماسمي ثورة الثامن من آذار 1963، والتي كانت واقعياً الإبن الشرعي لثورة الثامن من شباط في العراق (علي صالح السعدي) التي سبقتها بشهر واحد فقط، والتي كان نتيجتها ( ثورة الثامن من آذار 1963)، تصفية مئات الضباط الناصريين في الجيش السوري، تحت ذريعة تآمرهم على النظام البعثي، في حين أن السبب الحقيقي لتصفيتهم لم يكن برأينا، يتمثل فيما هو معلن، وإنما فيما هو غير معلن (كون معظمهم ينتمي إلى التيار الناصري السني)، الأمر الذي أخلّ بالتركيب الهيكلي للجيش السوري، وسمح بالتالي بالتحويل التدريجي لوظيفة ومهام هذا الجيش من حماية الوطن، إلى حماية حكم الحزب الواحد، الذي تحول بعد 1970 إلى حماية حكم العائلة الواحدة، والشخص الواحد. لقد كانت مقولة “الجيش العقائدي” تمثل في هذه العملية المدروسة والممنهجة، ورقة التوت التي حاول بها متنفذو اللجنة العسكرية، وعلى رأسهم حافظ الأسد ستر عورتهم الطائفية والعسكرتارية بها، والتي(أي اللجنة العسكرية) كانت عمليّاً وراء سيطرتهم على مثلث الجيش والحكم والحزب في آن واحد، وخاصة بعد وصول حافظ الأسد إلى الحكم 1970، وتصفيته لكل من محمد عمران وصلاح جديد.
حركة 23 شباط 1966
التي كانت تمثل انقلاباُ عسكرياً من القيادة القطرية ( صلاح جديد وحافظ الأسد ) على القيادة القومية ( ميشيل عفلق ومنيف الرزاز ) للحزب. مشكلة بذلك الدرجة الأكبر والأهم في سلم صعود حافظ الأسد إلى السلطة في سوريا . عبر استلامه لمنصب وزير الدفاع في تلك الحركة ، ذلك المنصب الذي مكنه من إصدار البلاغ 66 التآمري، ثم مكنه لاحقاً من الانقلاب على رفاقه في حركة 23 شباط ، عام 1970، عندما زجهم جميعاً في سجن المزة العسكري طيلة ربع قرن دون سؤال أو جواب ، بل وقتل اللواء صلاح جديد غدراً داخل السجن، بعد أن كان قد قتل قبله اللواء محمد عمران في بيروت ، لكي تصفو له وحده الساحة السورية (!!) . ومكنه أخيراً من توريث الحكم لولده مجرم الحرب وأبو البراميل بشار الأسد . لكي تبقى فضائح حرب حزيران 1967 ، واحتلال هضبة الجولان، و البلاغ العسكري 66، و المباحثات السرية اللاحقة مع إسرائيل ، سراً من اسرار العائلة ( الأسدية ) لا يعرفها أحد غيرها (!!) .
شهادة المرحوم فؤااد بريك..(مقتطع حرفي من رسالة مطولة)
كتب المرحوم فؤاد منصور بريك، الضابط في الجيش السوري وآمر كتيبة استطلاع أحد الألوية التي اشتركت في حرب حزيران 196، وتحت عنوان “حرب 1967″ في رسالة شخصية منه إليّ مايلي:
” أهم خلاصة استنتجتها من هذه الحرب ،[ هي] أننا كحزب وكأفراد قد أجرمنا بحق المجتمع، وفشلنا في القيام بواجبنا بالدفاع عن أرض الوطن . ( … ) ولا تزال في مخيّلتي الصورة المهينة التي تم فيها انسحاب الجيش السوري من الجولان . وكان استطلاع اللواء وحدتي العسكرية …؟ [هكذا وردت في الرسالة] . الوقت صباحاً، وآليات اللواء الذي تتبع له وحدتي تواصل انسحابها. لفت نظري وجود كثير من الصناديق المغلقة متناثرة على جانبي الطريق، طلبت من الآليات التي بإمرتي التوقف، ونزلت وتفحصت بعض الصناديق الخشبية ، ففتحت أحدها ليتبين لي أنها مدافع مضادة للدبابات >RBG7<، (وجدت الرمز قد انزلق إلى مكان آخر في النص الأصلي للرسالة وأنا من وضعه هنا)، مغلقة ومغطاة بالشحم، وعلى الفور طلبت من الجنود إنزال أكياس البحارة وكل الألبسة الخاصة بالجنود من المصفحات، وطلبت منهم إحراقها ووضع الصناديق ( 48 ) في المصفحات. وهكذا نقلتها جميعاً إلى الموقع الجديد الذي نقلنا إليه. في اليوم التالي زارنا في الموقع اللواء صلاح جديد لأنه صدر أمر بتسريح اللواء الاحتياط، وكنت قد توليت موضوع الإشراف على اسلحة اللواء وعتاده لحين التسريح . أخبرت اللواء صلاح جديد باني طلبت من الجنود إحراق أكياس البحارة من أجل تحميل الأسلحة المضادة للدبابات التي وجدتها في الطريق، وطلبت منه أن يستثني الجنود الذين بإمرتي من التغريم بثمن المعدات الشخصية التي فقدوها. وتم فعلاً أصدار أمر من القيادة باستثناء عناصر استطلاع اللواء من غرامة المعدات الشخصية للأفراد. وقال لي اللواء صلاح جديد، سيأتيك مندوبين عن ألوية الجبهة الجديدة ويحملون ورقة بتوقيعه أو توقيع اللواء حافظ الأسد من أجل استلام الأسلحة المضادة للدروع التي جلبتها معي، وأكمل قائلاً تعطي كل مندوب ثلث الكمية من المدافع ... (!!).
الخلاصة
لابد من الإشارة إلى أن مرحلة مابين (1963ــ 1970 ) في سورية، كانت تتميز عملياً باحتدام الصراع السياسي والأيديولوجي بين الآراء والأجنحة والمجموعات المختلفة داخل حزب البعث، ولا سيما بين من يغلب عليهم الطابع المدني (جناح القوميين)، ومن يغلب عليهم الطابع العسكري (جناح القطريين)، ذلك الصراع الذي انتهى بسيطرة العسكر على الحزب عام 1966، ومن ثم على الحكم عام 197، سيطرة مستمرة منذئذٍ وحتى هذه اللحظة، والتي (السيطرة) يدخل تحتها البلا غ العسكري 66 المشبوه، وبالتالي احتلال إسرائيل لهضبة الجولان في حرب حرب حزيران 1967، وسكوت نظام عائلة الأسد على هذا الإحتلال منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا (05.06.2018).
ولعل شعار ( ثورة آذار 2011) “الشعب يريد إسقاط النظام” إنما يشير إلى رغبة هذا الشعب في الانعتاق من هذه السيطرة الهمجية المدعومة إسرائيلياً وغربياً وطائفياً، والتي طال أمدها، وطالت معها معاناة هذا الشعب ومتاعبه، بكل فئاته ومكوناته.
لقد آن الأوان لرحيل هذا المجرم بشارحافظ الأسد وأسرته الحاكمة، ومعهم كل مرتزقتهم وأعوانهم الطائفيين وغير الطائفيين. وآن الأوان بالتالي ل “إعادة إعمار” سورية المدمرة وعودة سكانها المهجرين إليها، بل وإلى بيوتهم التي اقتلعهم منها بوتن وبشار وقاسم سليماني وحسن نصر الله، وكل القوى المتفرجة والصامتة على مأساة العصر المتمثلة بالقوة الغاشمة والهمجية لتكنولوجيا القرن الواحد والعشرين، التي وظفها أصحابها المعروفون بعد أخذ الإذن من (أبو البراميل) في تدمير البنى التحتية، وقتل الأطفال والنساء، واقتلاع الناس من مدنهم وقراهم وتهجيرهم إلى المجهول في بلدنا الحبيب سوريا.
فلا نامت أعين الجبناء .