استهلال
القول "العِلَّةُ تدورُ مع المَعْلول"، هو مبدأ فلسفي يستخدم في سياقات مختلفة. تجلى خاصة في الفلسفة وعلم المنطق، ويشير إلى العلاقة الوثيقة بين السبب (العلة) والنتيجة (المعلول). المقصود من هذا القول هو أن وجود العلة مرتبط بوجود المعلول، وأنه لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر. بمعنى آخر، العلة هي السبب الذي يؤدي إلى حدوث المعلول، والمعلول هو النتيجة التي تنتج عن وجود العلة.
وفي سياق هذا المبدأ، (العلة) تبقى موجودة طالما بقي نظام الأسد، الذي يتغوَّل في ردود فعله تجاه الثورة السورية في عام 2011. وقد أدى إلى واحدة من أكبر أزمات اللاجئين في التاريخ الحديث وهي (المعلول)، الذي أجبر ملايين السوريين إلى مغادرة منازلهم بحثًا عن الأمان في الخارج. وقد تفاقم في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية داخل البلاد.
انتشر الفارّون من الموت إلى الدول العربية وتركيا وسواها من البلدان. وكانت أوروبا واحدة من الوجهات الرئيسية لهؤلاء اللاجئين، حيث فتحت -مثل العديد من الدول- أبوابها لتوفير الملاذ الآمن لهم.
إذن: العلة - بقاء الأسد- تدور مع المعلول -تشريد السوريين قسراً-.
الدور الإنساني الذي لعبته الدول الأوروبية
أظهرت الدول الأوروبية تضامناً إنسانياً كبيراً مع اللاجئين السوريين من خلال استقبالهم وتوفير الدعم الأساسي لهم. ألمانيا، على سبيل المثال، استقبلت -تباعاً – قرابة المليون من اللاجئين، وقدمت لهم الدعم المالي والاجتماعي لإعادة بناء حياتهم. وكذلك فعلت السويد، النرويج، وهولندا وباقي الدول الأوروبية.
التحديات التي واجهتها الدول المضيفة
على الرغم من النوايا الحَسَنة، واجهت الدول الأوروبية تحدِّيات كبيرة في التعامل مع تدفق اللاجئين. التحديات تضمنت الضغط على الأنظمة الاجتماعية، صعوبة دمج اللاجئين في سوق العمل، ومشاكل تتعلق بالأمن والثقافة واللغة. بعض الدول شهدت تصاعداً في الحركات اليمينية المتطرفة، التي استغلت أزمة اللاجئين، وتعزيز أجندتها في المزايدات السياسية الداخلية. الأمر الذي زاد في تعقيد الوضع.
الدوافع وراء مشروع الدول الثماني
في خطوة جديدة مفاجئة، قررت ثمان دول أوروبية إرسال بعثات تقصي حقائق إلى سوريا. كان بهدفإلى إعادة تقييم الوضع الأمني والإنساني هناك، تمهيداً لعودة اللاجئين. الدوافع وراء هذا المشروع متعددة، منها تقليل العبء الاقتصادي على الدول المضيفة. وكذلك استجابة للضغوط السياسية الداخلية، بالإضافة إلى رغبة في التوصل إلى حلول دائمة لأزمة اللاجئين.
أسباب تخوف العائدين
على الرغم من هذه الجهود، يبقى العديد من اللاجئين مُتخَوفِين من العودة إلى حضن النظام من جديد. الأسباب الرئيسية لهذا التخوُّف تتعلق بالخَوْف من تكرار الاضطهاد والاعتقال على يد النظام السوري، وعدم وجود ضمانات حقيقية للأمان، والوضع الاقتصادي المتدهور. بالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار نظام الأسد في السلطة يثير الشكوك حول إمكانية تحقيق عودة آمنة ومستقرة.
هناك العديد من الأمثلة والشواهد التي تثبت أسباب تخوف اللاجئين السوريين من العودة إلى سوريا في ظل حكم نظام بشار الأسد. يمكن استخلاصها من تجارب ومحاولات سابقة للعائدين، والظروف التي واجهوها عند عودتهم. إليك بعض هذه الشواهد:
الاعتقالات التعسفية والانتهاكات الأمنية
- التقارير الحقوقية: العديد من التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية توثق حالات الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري التي تعرض لها العائدون إلى سوريا. هذه التقارير تشير إلى أن العديد من اللاجئين الذين عادوا تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية السورية فور وصولهم، وبعضهم اختفى ولم يتم العثور عليهم مجدداً.
- حالة مازن الدراوشة: وهي من الحالات الموثقة.فهو لاجئ عاد من الأردن إلى سوريا في عام 2018 بعد تلقيه وعوداً بالأمان. تم اعتقاله فور وصوله واختفى لمدة طويلة، ثم ظهر بعد تعرضه لتعذيب شديد، وفقاً لتقارير حقوقية.
الابتزاز المالي والفساد
- الرشاوى والابتزاز: العائدون غالباً ما يواجهون ابتزازاً مالياً من قبل المسؤولين الحكوميين والعناصر الأمنية. على سبيل المثال، يُطلب من العائدين دفع مبالغ مالية كبيرة لتجنب الاعتقال مجدداً أو لتسهيل إجراءات العودة.
- شهادات العائدين: تقارير عديدة وشهادات للعائدين تشير إلى أنهم اضطروا لدفع رشاوى للحصول على الأوراق الثبوتية أو لتجنب المضايقات الأمنية. هذا الفساد المستشري يجعل العودة إلى سوريا محفوفة بالمخاطر المالية.
الأوضاع الاقتصادية المتدهورة
- البطالة والفقر: الاقتصاد السوري يعاني من انهيار شبه كامل نتيجة الحرب والعقوبات الدولية. العائدون يجدون صعوبة في العثور على فرص عمل أو تأمين احتياجاتهم الأساسية.
- الدمار الواسع: البنية التحتية المدمرة في العديد من المناطق تجعل الحياة اليومية صعبة للغاية، حيث تفتقر المناطق العائدة إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية.
الأوضاع الأمنية الهشة
- الخدمة العسكرية الإلزامية: هناك تقارير تفيد بأن الشباب العائدين يتم تجنيدهم إجبارياً في الجيش السوري، مما يعرضهم لمخاطر كبيرة وخاصة في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة.
- العنف المستمر: رغم تراجع حدة المعارك في بعض المناطق، إلا أن هناك مناطق لا تزال تشهد اشتباكات متفرقة وأعمال عنف، مما يجعل العودة إليها غير آمنة.
انعدام الثقة في النظام
- التجارب السابقة: تجارب السوريين مع النظام خلال سنوات الحرب أثبتت للكثيرين أنه لا يمكن الثقة بوعود النظام. حالات الاعتقال والتعذيب والانتهاكات جعلت الكثيرين يفقدون الثقة في أي ضمانات يقدمها النظام.
- الوعود الكاذبة: العديد من العائدين أكدوا أنهم عادوا بناءً على وعود بالأمان والحماية، ولكنهم واجهوا الواقع المرير عند وصولهم. هذا التباين بين الوعود والواقع يعزز من مخاوف اللاجئين المتبقين.
ومن الأمثلة والشهادات الأخرى:
- تقرير العفو الدولية: في تقرير صدر عام 2019، وثقت منظمة العفو الدولية حالات لاعتقال وتعذيب لاجئين عادوا من لبنان والأردن. بعض هؤلاء الأشخاص تعرضوا للاعتقال عند نقاط التفتيش الحدودية أو بعد فترة قصيرة من عودتهم.
- حالة رامي (اسم مستعار): عاد رامي من ألمانيا إلى سوريا في عام 2018 بعد تلقيه وعوداً بالأمان. تم اعتقاله عند وصوله إلى دمشق وتعرض للتعذيب لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يُفرج عنه. قرر بعدها الفرار مرة أخرى إلى خارج سوريا.
- حالة مازن الدراوشة: من الحالات الموثقة رسمياً. فهو لاجئ عاد من الأردن إلى سوريا في عام 2018 بعد تلقيه وعودًا بالأمان. تم اعتقاله فور وصوله واختفى لمدة طويلة، ثم ظهر بعد تعرضه لتعذيب شديد، وفقاً لتقارير حقوقية.
- تقارير الإعلام: العديد من التقارير الإعلامية، مثل تحقيقات (BBC) و(CNN)، توثق حالات لعائدين واجهوا مخاطر جسيمة. تقرير BBC عام 2020 تناول قصصاً لأفرادٍ عادوا بعد تلقيهم وعوداً بالأمان، ليجدوا أنفسهم تحت تهديد الاعتقال أو الابتزاز المالي.
التجارب السابقة للعائدين تثبت بشكل قاطع أن المخاوف التي يعبر عنها اللاجئون بشأن العودة إلى سوريا في ظل نظام الأسد مبررة وواقعية. الانتهاكات الأمنية، الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، والوعود الكاذبة تجعل من العودة خطوة محفوفة بالمخاطر للكثيرين. هذه الشواهد تؤكد أن أي خطة لإعادة اللاجئين يجب أن تتضمن ضمانات قوية وموثوقة لحمايتهم وتأمين ظروف حياة كريمة ومستقرة.
السلبيات المتوقعة من ترسيخ نظام الأسد
إنَّ ترسيخ نظام الأسد في الحكم يعزز من احتمالية استمرار القمع وانتهاك حقوق الإنسان في سوريا. عودة اللاجئين في ظل هذه الظروف قد تؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية وإثارة موجات جديدة من الهجرة. كما أن ذلك سيعزز من موقف الأسد دوليًا، مما يضعف من جهود التغيير السياسي المنشود.
أمثلة على السلبيات المتوقعة من ترسيخ نظام الأسد
استمرار انتهاكات حقوق الإنسان:
- الاعتقالات التعسفية: تقارير حقوقية من منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية تؤكد أن النظام السوري يستمر في اعتقال وتعذيب المعارضين والمشتبه في معارضتهم. عودة اللاجئين قد تعرضهم لنفس المصير.
- الانتهاكات ضد المدنيين: النظام السوري وحلفاؤه متهمون بارتكاب جرائم حرب واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين. استمرار هذه الانتهاكات يعزز مناخ الخوف وعدم الثقة بين العائدين المحتملين.
الوضع الاقتصادي المتدهور:
- البطالة والفقر: الاقتصاد السوري تضرر بشدة جراء الحرب والعقوبات الاقتصادية الدولية. عودة اللاجئين إلى بيئة اقتصادية منهارة لن تمكنهم من إعادة بناء حياتهم بشكل كريم، مما قد يؤدي إلى تجدد الهجرة.
- البنية التحتية المدمرة: الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية من مدارس ومستشفيات وطرق يجعل من الصعب على العائدين الحصول على الخدمات الأساسية.
تعميق الأزمة الإنسانية:
- النزوح الداخلي: بقاء النظام الحالي قد يؤدي إلى استمرار النزوح الداخلي، حيث أن العديد من السوريين لن يشعروا بالأمان في مناطقهم الأصلية التي يسيطر عليها النظام.
- نقص المساعدات الإنسانية: العقوبات المفروضة على النظام تؤثر سلبًا على تدفق المساعدات الإنسانية، مما يجعل من الصعب توفير الدعم اللازم للعائدين والمتواجدين داخل البلاد.
تعزيز موقف الأسد دولياً:
- التطبيع السياسي: عودة اللاجئين في ظل بقاء النظام تعطي الأسد شرعية دولية غير مباشرة، مما يضعف الضغوط الدولية لإجراء إصلاحات سياسية حقيقية.
- الدعم الاقتصادي: أي استثمارات أو مساعدات تُوجه لإعادة الإعمار تحت حكم الأسد قد تُستخدم لدعم النظام بدلاً من تحسين حياة المواطنين.
تناقض المواقف الدولية
الجدير بالذكر أن الدول الأوروبية التي تدفع باتجاه إعادة اللاجئين هي نفسها التي دعمت في مراحل سابقة المعارضة السورية وسعت إلى تغيير النظام. هذا التناقض يثير تساؤلات حول أهداف وسياسات هذه الدول تجاه سوريا، وما إذا كانت إعادة اللاجئين تتم بناءً على اعتبارات إنسانية حقيقية أم سياسية واقتصادية بحتة.
أمثلة على تناقض المواقف الدولية
ألمانيا:
- قبل: كانت ألمانيا من أبرز الدول التي استقبلت اللاجئين السوريين وقدمت لهم دعماً مالياً واجتماعياً كبيراً. كما دعمت المعارضة السورية سياسياً ومالياً.
- الآن: تدعم ألمانيا حالياً مبادرات لإعادة اللاجئين إلى سوريا، رغم عدم وجود ضمانات كافية لسلامتهم، مما يعكس تناقضاً بين موقفها الإنساني السابق وموقفها الحالي الذي يهدف إلى تقليل عدد اللاجئين داخل أراضيها.
فرنسا:
- قبل: دعمت فرنسا المعارضة السورية بشكل قوي ودعت إلى رحيل الأسد، معتبرة أن النظام السوري فاقد للشرعية.
- الآن: مع الضغط الداخلي لتقليل عدد اللاجئين، أصبحت فرنسا جزءاً من الدول التي تسعى لإيجاد حلول لعودة اللاجئين إلى سوريا، حتى في ظل استمرار نظام الأسد.
السويد:
- قبل: كانت السويد من الدول السخية في استقبال اللاجئين السوريين وقدمت لهم الدعم الكامل، بالإضافة إلى دعم المعارضة السورية.
- الآن: تواجه السويد ضغوطاً داخلية لإعادة تقييم سياساتها تجاه اللاجئين وتسعى أيضاً لإيجاد طرق لإعادة اللاجئين، مما يعكس تحولا في السياسات نحو تقليل الأعباء الداخلية.
موقف الدول العربية المستضيفة للاجئين السوريين
مشروع الدول الأوروبية الثماني لإرسال بعثات تقصي حقائق إلى سوريا وإعادة اللاجئين قد يؤدي إلى تداعيات عديدة على مواقف الدول العربية التي تستضيف مخيمات للاجئين السوريين، التي بدورها تضغط على اللاجئين على أراضيها كي يرحلوا عنها مهما كانت المخاطر.
وفي الوقت نفسه، تسعى الدول الغربية والإقليمية من خلال هذا الضغط على الدول العربية بهدف تقليل التكاليف التي تدفعها الدول الأوروبية، وتحسين الأمن والاستقرار، وضمان التعامل الإنساني مع اللاجئين. إنَّ تحقيق توازن في هذه الأهداف يتطلب تنسيقاً دولياً مستمراً وجهوداً مشتركة لضمان أن يتم التعامل مع أزمة اللاجئين بشكل عادل ومستدام.
وندرج هنا بعض التداعيات المتوقعة:
ضغوط دولية وإقليمية
قد تواجه الدول العربية، مثل الأردن ولبنان وتركيا، ضغوطاً دوليةً وإقليميةً لإعادة تقييم سياساتها تجاه اللاجئين السوريين. هذه الضغوط يمكن أن تأتي من الدول الأوروبية أو من المنظمات الدولية التي تسعى لحل أزمة اللاجئين بشكل شامل.
إنَّ ضغط بعض الدول الغربية والاقليمية على الدول العربية بشأن اللاجئين السوريين ينطلق من عدة دوافع وأهداف متنوعة، تتراوح بين السياسية، الاقتصادية، الأمنية، والإنسانية.
ويمكن تحليل أسباب هذا الضغط وأهدافه المحتملة بما يلي:
الأسباب والدوافع وراء الضغط
اولاً – تخفيف العبء على الدول الغربية:
- الإجراءات الأمنية: تزايد أعداد اللاجئين يمكن أن يؤدي إلى مخاوف أمنية في الدول المستضيفة. بعض الدول الغربية ترى في إعادة اللاجئين وسيلة لتخفيف الضغط الأمني وتحسين الاستقرار الداخلي.
- التكاليف الاقتصادية: استضافة اللاجئين تكلف الدول المستضيفة موارد مالية كبيرة. الضغط على الدول العربية لإبقاء أو إعادة توطين اللاجئين يمكن أن يكون جزءًا من استراتيجية لتقليل التكاليف الاقتصادية على الدول الغربية.
ثانياً – الاستقرار الإقليمي:
- تجنب عدم الاستقرار: الدول الغربية تسعى إلى منع حدوث عدم استقرار في الدول العربية المضيفة نتيجة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة الناتجة عن استضافة اللاجئين.
- احتواء الأزمات: الحفاظ على استقرار الدول المضيفة للاجئين يمكن أن يساعد في منع تفشي الأزمات إلى مناطق أخرى، مما يعزز من الاستقرار الإقليمي بشكل عام.
ثالثاً – أبعاد إنسانية:
- حماية حقوق الإنسان: الضغط يأتي أحيانًا من منظمات حقوق الإنسان والدول التي تسعى لضمان أن اللاجئين يعيشون في ظروف إنسانية كريمة، سواء في الدول المضيفة أو عند عودتهم إلى بلادهم.
- المساعدة في إعادة الإعمار: الدول الغربية قد ترى في إعادة اللاجئين خطوة ضرورية لإعادة إعمار سوريا، وهو ما يحتاج إلى تنسيق دولي لضمان عودة آمنة وكريمة.
الأهداف المحتملة وراء الضغط
السيطرة على تدفقات الهجرة:
- تقليل الهجرة غير النظامية: من خلال الضغط على الدول العربية لتحسين ظروف اللاجئين أو إعادة توطينهم، يمكن للدول الغربية تقليل موجات الهجرة غير النظامية إلى أراضيها.
- تعزيز الأمن الداخلي: الحفاظ على تدفقات هجرة تحت السيطرة يساعد في تعزيز الأمن الداخلي ومنع دخول العناصر المتطرفة أو المجرمين.
التوازن الجيوسياسي:
- التأثير على سياسة الدول العربية: الضغط على الدول العربية بشأن اللاجئين يمكن أن يكون وسيلة للتأثير على سياساتها الداخلية والخارجية، بما يتناسب مع المصالح الغربية.
- إعادة بناء سوريا: دعم العودة المنظمة للاجئين يمكن أن يكون جزءاً من استراتيجية أوسع لإعادة بناء سوريا وفق معايير قد تكون أكثر توافقاً مع مصالح الدول الغربية.
المسؤولية الدولية:
- تقاسم الأعباء: الدول الغربية تسعى لتقاسم الأعباء مع الدول العربية والإقليمية، معتبرة أن أزمة اللاجئين هي مسؤولية دولية وليست مقتصرة على منطقة معينة.
- الدعم المالي والتقني: في كثير من الأحيان، يتم الضغط على الدول المضيفة من خلال تقديم حزم دعم مالي وتقني لتحسين ظروف اللاجئين وضمان استقرارهم.
الاستقرار الاجتماعي:
- دمج اللاجئين: الدول الغربية قد تضغط على الدول العربية لتحسين سياسات دمج اللاجئين في المجتمع، مما يساعد على تقليل التوترات الاجتماعية ويعزز من استقرار الدول المضيفة.
مآلات الواقع الذي تشهده أزمة اللاجئين السوريين
يمكن أن يُستشرف من المشهد الدولي الراهن الأمور التالية:
التنسيق مع المبادرات الأوروبية
الدول العربية التي تستضيف أعداداً كبيرةً من اللاجئين قد تجد نفسها مضطرة للتنسيق مع المبادرات الأوروبية لضمان إعادة اللاجئين بشكل آمن ومنظم. هذا التنسيق قد يتطلب جهوداً إضافية وتعاوناً مع الفرق الأوروبية التي تقوم بتقصي الحقائق.
تغيير سياسات اللجوء
مشروع الدول الثماني قد يدفع الدول العربية إلى إعادة النظر في سياسات اللجوء الخاصة بها. على سبيل المثال، قد تقوم هذه الدول بوضع خطط لإعادة اللاجئين تدريجيًا إلى سوريا، خاصة إذا كان هناك دعم دولي مالي وتقني لتنفيذ ذلك.
تداعيات اقتصادية مستجدَّة
قد تكون هناك تداعيات اقتصادية على الدول المضيفة إذا تم البدء في إعادة اللاجئين بشكل واسع. الكثير من الدول العربية تعتمد على المساعدات الدولية لدعم اللاجئين، وقد تتأثر هذه المساعدات إذا تم تقليص أعداد اللاجئين بشكل كبير. بالمقابل، قد يكون هناك دعم اقتصادي لهذه الدول إذا كانت جزءاً من برنامج دولي منسق لإعادة الإعمار في سوريا.
أبعاد إنسانية واجتماعية أكثر واقعية
إعادة اللاجئين دون ضمانات كافية قد تؤدي إلى عواقب إنسانية واجتماعية خطيرة. الدول العربية المضيفة ستحتاج إلى ضمان أن العائدين سيحصلون على حماية كافية وأن حقوقهم الإنسانية ستكون مصانة. قد يكون هناك قلق من ردود فعل سلبية من المجتمعات المضيفة إذا تم البدء في إعادة اللاجئين قبل التأكد من استقرار الأوضاع في سوريا.
المواقف السياسية الصارمة
الدول العربية قد تستخدم هذا المشروع كورقة ضغط سياسية في تعاملاتها مع الدول الأوروبية والمجتمع الدولي. قد تسعى هذه الدول للحصول على مزيد من الدعم المالي والتقني لتحمل أعباء استضافة اللاجئين أو لضمان إعادة آمنة ومنظمة لهم.
مستقبل العلاقات العربية مع سوريا
إعادة اللاجئين قد تؤدي إلى تطورات في العلاقات بين الدول العربية وسوريا. بعض الدول قد تسعى لتحسين علاقاتها مع النظام السوري لضمان عودة سلسلة للاجئين، بينما قد تظل دول أخرى متحفظة بسبب مخاوف من استمرار القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
خاتمة:
بشكل عام، مشروع الدول الأوروبية الثماني لإعادة اللاجئين السوريين يمكن أن يكون له تأثيرات عميقة ومتنوعة على الدول العربية المضيفة. من المتوقع أن تتفاعل هذه الدول مع المشروع بناءً على مصالحها الوطنية والضغوط الدولية والإقليمية، مع محاولة تحقيق توازن بين الأبعاد الإنسانية والسياسية والاقتصادية لهذه الأزمة المعقدة.
أما ما يخص اللاجئين السوريين، لا مندوحة من القول مادامت العلة -النظام قائماً، سيبقى المعلول يدور في فلكه -أي أنَّ النتيجة بقاء المعلول على حاله -الطغيان المتسلط على السورين-.
وما دامت الدول ذات الشأن مستفيدة من تأجيج الفتنة والحرص على بقائها إلى الانتهاء من ترتيب شرق أوسط وفق المعايير الصهيونية، ستبقى سوريا معلقة على صليب الآلام نازفة قرباناً يقدمه المتصهينون لتحقيق ما يحلمون به.
ولكن السؤال هل سيتحقق لهم ذلك؟ والإجابة الصريحة مسطورة في تاريخ سورية منذ بزوغ الوعي البشري!