استهلال
نبذة عن فدوى مواهب "فدوى مواهب": شخصية مؤثرة مصرية (إنفلوينسر) مصرية الجنسية من أصول سورية، ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تحظى بمتابعة واسعة تجاوزت مليوني شخص على منصات التواصل الاجتماعي. تقدم محتوى متنوعاً، يتراوح بين المنشورات الدينية والتثقيفية والاجتماعية، مما جعلها شخصية معروفة بين جمهور المتابعين في مصر والدول العربية، ويتجاوز عدد متابعيها قرابة مليوني شخص على منصات مثل فيسبوك، إنستغرام، وتيك توك..إلخ. برز اسم فدوى مواهب مؤخراً بعد جدل واسع أثارته منشوراتها حول الحضارة الفرعونية، حيث اتُّهمت بالإساءة للرموز التاريخية المصرية (تماثيل الفراعنة في المتحف)، مما أدى إلى مطالبات قانونية بمحاسبتها وإغلاق حساباتها. كما استبطن الجدل في طياته إثارة نقاشات حساسة بشأن هوية اللاجئين السوريين في مصر، وتأثيرهم في المشهدين الاقتصادي والاجتماعي. تتمتع فدوى بحضور قوي على وسائل التواصل، حيث تعتمد على أسلوب مباشر وتفاعلي مع متابعيها، مما جعلها محط أنظار الإعلام والمجتمع المصري، سواء من المؤيدين لها أو المنتقدين لمحتواها.
فدوى في شِبَاك الفتنة
في الأيام الأخيرة، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بسبب قضية أثارت الجدل على نطاق واسع، كان بطلها هذه المرة الإنفلوينسر المصرية السورية فدوى مواهب، التي وجدت نفسها في قلب عاصفة من الانتقادات والاتهامات بإهانة الحضارة الفرعونية. وما بين حرية التعبير واحترام الرموز التاريخية، نشب خلاف حاد في مصر، بطلته فدوى مواهب، -كما وصفت بأنها الإعلامية المصرية السورية-، حيث تحوّلت منشوراتها على مواقع التواصل إلى مادة دسمة للنقاش القانوني والمجتمعي في مصر وشقيقاتها من الدول العربية.
لكنَّ هذه القضية استبطنت بخباثة تسليط الضوء على العلاقة بين المصريين والجالية السورية في مصر، بعد أن أثارت فدوى مواهب، “المصرية السورية”، غضب الكثيرين بمنشورات اعتُبرت مسيئة للحضارة الفرعونية، مما دفع البعض للمطالبة بمحاسبتها قانونياً.
ويرى بعض المراقبين إنَّ هذا الجدل حول حرية التعبير واحترام التراث المصري لم يحتدم، إلا بعد بروز جانب آخر أكثر حساسية يختفي وراء قضية فدوى مواهب، وهو التركيز على أصولها السورية، مما فتح باباً واسعاً للنقاش حول التنافس الاقتصادي والتجاري بين المصريين والسوريين في مصر. ولهذا السبب انخرطت “منصة مآلات” في تبيان تفاصيل الواقعة
“لم يكن الجدل حول فدوى مواهب مجرد نقاش عابر عن محتوى منشوراتها، بل تحوّل إلى قضية رأي عام تمسّ علاقة الجالية السورية بالمجتمع المصري، وسط تصاعد نبرة التنافس الاقتصادي والخوف من التأثيرات الاجتماعية لهذا النوع من الأزمات.”
1. بداية الجدل: اتهامات بإهانة الحضارة الفرعونية
شهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر موجة واسعة من الجدل بعد انتشار صور وتعليقات للإعلامية والمؤثرة المصرية، فدوى مواهب، وُجهت إليها اتهامات بإهانة الحضارة الفرعونية. وترافق ذلك مع دعوات تطالب بمحاكمتها وسجنها.
بدأت الأزمة عندما نشرت مواهب، صوراً لتماثيل فرعونية عقب زيارتها الأخيرة إلى المتحف المصري، علقت عليها بآيات قرآنية اعتبرها البعض مستفزة ومسيئة للرموز التاريخية المصرية. كان من بين منشوراتها صورة لتمثال رمسيس الثاني كتب عليها: “وقال فرعون ذروني أقتل موسى”، وأخرى تضمنت العبارة: “سبحان الله الملك له الملك وحده”.


هذه المنشورات أثارت حفيظة عدد من المتابعين الذين اعتبروها إساءة مباشرة للحضارة المصرية القديمة، مما دفع المحامي المصري هاني سامح إلى رفع دعوى قضائية ضد مواهب، استناداً إلى القانون المصري رقم 180 لسنة 2018، الذي يحظر نشر محتوى يحضّ على الكراهية أو التمييز الديني أو الحضاري.
2. الأبعاد القانونية: بين حرية التعبير والمساس بالرموز الوطنية
من الناحية القانونية، أثارت القضية جدلًا بين فريقين:
- الرأي الأول يرى أن ما قامت به فدوى مواهب يدخل في إطار حرية التعبير، حيث يحق لأي فرد التعبير عن آرائه تجاه الأحداث والشخصيات التاريخية.
- الرأي الثاني يعتبر أن تعليقاتها تجاوزت حدود حرية التعبير، لأنها تمس رموزاً تاريخية ذات مكانة خاصة في الوجدان المصري، ما قد يجعلها عرضة للمساءلة القانونية والعقوبات المحتملة، إذا اقتنعت المحكمة بالتهم الموجهة إليها.
القضية تعكس إشكالية أعمق تتعلق بمساحة حرية التعبير في مصر، وحدودها عند التطرق إلى القضايا التراثية والحضارية. فهل يمكن اعتبار النقد أو التعليق على الشخصيات التاريخية إهانة، أم أنه حق مكفول في إطار النقاش الثقافي؟
3. الجدل حول الهوية: أزمة وصف السيدة “مواهب” بأنها “مصرية سورية”
بعيداً عن البعد القانوني، برز جانب آخر خطير في هذه الأزمة، وهو التركيز على أصول فدوى مواهب السورية، رغم أن جنسيتها مصرية رسمياً.
استخدام وصف “مصرية سورية” لم يكن مجرد تعريف، بل كان مدخلاً لإثارة الانقسامات المجتمعية، خاصة مع وجود جالية سورية كبيرة في مصر، تلعب دوراً نشطاً في الاقتصاد من خلال مشروعات تجارية وصناعية ناجحة. هذا النجاح أدى إلى تنافس بين المصريين والسوريين في بعض القطاعات، مما جعل بعض الأصوات تعتبر السوريين منافسين أقوياء يؤثرون على فرص المصريين في السوق.
هذا التنافس الاقتصادي زاد من حساسية القضية، حيث استغل البعض أصول “مواهب” السورية لربط الواقعة بموجة التحريض ضد اللاجئين السوريين في مصر، واعتبارهم طرفاً منافساً في سوق العمل والتجارة.
4. ردود الأفعال: انقسام بين الرفض والتخوف من الفتنة
لم تتوقف ردود الفعل على المستوى القانوني، بل امتدت إلى المجتمع المصري، حيث انقسمت الآراء بين فريقين:
- فريق غاضب اعتبر أن تصرفات مواهب إهانة غير مقبولة، خاصة عندما تصدر من شخص يُفترض أنه “ضيف” على البلاد، وهو ما ظهر في تعليقات مثل:
“هذا التصرف غير مقبول من أي شخص، فكيف إذا جاء من شخص يعيش بيننا وعليه احترام ثقافتنا؟”
- فريق آخر رأى أن القضية تُستغل لضرب السوريين في مصر، معتبرين أن الزج بجنسية مواهب في القضية محاولة لإثارة الكراهية، كما عبّر أحد النشطاء بقوله:
“توقيت إثارة أصولها السورية مُخطط لإحداث فتنة بين المصريين والسوريين، الذين يعيشون بيننا ويساهمون في اقتصادنا.”
5. خطورة استغلال الأصول الإثنية في الأزمات المجتمعية
هذه القضية كشفت عن مشكلة أعمق، وهي استخدام الهوية والجذور الإثنية كأداة لإثارة المشاعر السلبية والتحريض، وهو ما يهدد التماسك المجتمعي في مصر. فالتعامل مع اللاجئين والمهاجرين، وخاصة السوريين، لا يجب أن يخضع لحسابات سياسية أو اقتصادية ضيقة، لأن الاندماج الناجح للسوريين في السوق المصري لا يعني بالضرورة أنه يشكل تهديداً، بل قد يكون فرصة لتنمية الاقتصاد وتنويعه. لذك يجب على الإعلام والمسؤولين توخي الحذر في الخطاب العام، وتجنب إثارة الفتن بين المصريين والجاليات المقيمة، لأن مثل هذه الانقسامات لا تخدم إلا من يسعى إلى تأجيج الصراعات وضرب الاستقرار.
خلاصة القول
المنافسة الاقتصادية بين المصريين والسوريين وتأثيرها على الجدل
في نهاية المطاف، لم تعد القضية مجرد جدل حول تعليق على تمثال فرعوني، بل كشفت عن حرب تنافس خفية بين المصريين والسوريين في سوق العمل والمشروعات التجارية. البعض يرى أن التوسع السوري في الأسواق المصرية تسبب في إضعاف بعض القطاعات التي كان يهيمن عليها المصريون، مما أدى إلى توترات خفية تحولت إلى صراعات علنية عند أي حدث مشابه.
لذلك، من الضروري أن يكون التعامل مع هذه القضايا بوعي ومسؤولية، وأن يتم الفصل بين الأفعال الفردية والصورة العامة للجالية السورية، لأن التحريض ضد اللاجئين لا يخدم إلا مصالح من يريد تفكيك الروابط الاجتماعية وضرب الاستقرار الاقتصادي.
في النهاية، تبقى المنافسة الاقتصادية بين المصريين والسوريين حقيقة قائمة، لكن يجب أن تُدار بطرق عادلة ومتوازنة، بعيداً عن التحريض والخطابات الإقصائية، حتى لا تتحول إلى نزاعات مجتمعية تهدد النسيج الوطني في مصر.