مالات .. سورية رؤى مستقبلية

سورية.. رؤى مستقبلية

Search
Close this search box.
Facebook X-twitter Youtube
  • الصفحة الرئيسية
  • تداعيات الاحداث
  • رأي
  • حوارات
  • ملفات
  • ذاكرة وطن
    • بناة التاريخ
    • حضارة ومدن
    • معارك تاريخية
    • سرديات
    • متفرقات
  • الصفحة الرئيسية
  • تداعيات الاحداث
  • رأي
  • حوارات
  • ملفات
  • ذاكرة وطن
    • بناة التاريخ
    • حضارة ومدن
    • معارك تاريخية
    • سرديات
    • متفرقات
Facebook X-twitter Youtube
Menu
  • الصفحة الرئيسية
  • تداعيات الاحداث
  • رأي
  • حوارات
  • ملفات
  • ذاكرة وطن
    • بناة التاريخ
    • حضارة ومدن
    • معارك تاريخية
    • سرديات
    • متفرقات
الرئيسية تداعيات الأحداث

تحليل استراتيجي: الثعالب الصغيرة المُفسدة للكروم السورية

تراكم الفساد الإداري، والمحسوبية، والإقصاء، وعدم الإنصاف في العدالة الانتقالية، يمثل عملية تآكل بطيئة ولكنها قاتلة للشرعية

فريق تحرير مآلات فريق تحرير مآلات
2025-11-07
في ... تداعيات الأحداث
0 0
A A
0
تحليل استراتيجي: الثعالب الصغيرة المُفسدة للكروم السورية

تحليل استراتيجي: الثعالب الصغيرة المُفسدة للكروم السورية

0
شارك
214
المشاهدات

تقرير موسع حول مخاطر التآكل الداخلي على حكومة أحمد الشرع الانتقالية

 

الجزء الأول: تأطير الأزمة – الكرمة السورية والحكمة القديمة

1.1. المقدمة: اللحظة التاريخية وإطار “الثعالب الصغيرة”

يمر التاريخ السوري بلحظة وجودية حاسمة تلت انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 بعد حكم دام لأكثر من خمسة عقود لعائلة الأسد. هذا التحول، الذي قادته هيئة تحرير الشام (HTS) تحت إمرة أحمد الشرع، أتاح فرصة نادرة لإعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة. هذه المرحلة الانتقالية، التي تم وضع إطار زمني لها لخمس سنوات، تمثل ” حقول الكرمَة” الجديدة لسوريا، الموعودة بتحقيق الاستقرار، التنمية الاقتصادية، والعدالة الانتقالية.

ولكن، وكما حذرت الحكمة القديمة، فإن المكاسب العظيمة يمكن أن تُفسدها الأخطاء الصغيرة. يستلهم هذا التحليل إطاره من نشيد الأنشاد (2: 15):

“خذوا لنا الثعالب، الثعالب الصغار المُفسِدة للكروم، لأن كرومَنا قد أقلعَت”.

 يشير هذا الاستشهاد الروحي إلى أن الخطر لا يكمن في الوحش الكبير (الذي يمثل نظام الاستبداد الذي سقط)، بل في “الثعالب الصغيرة” المتمثلة في التهاون والعيوب السلوكية والإدارية التي، إن تُركت دون رقابة، يمكن أن تدمر جذور المشروع الوطني الوليد.

إن الكَرمَة، في سياقاتها اللاهوتية، غالباً ما تمثل حياة المؤمن، وفي السياق السياسي السوري، هي المشروع الثوري الجديد وحياة الأمة السورية الناشئة.

برنت هاكيت المدير التنفيذي للمكتب الكندي لمؤسسة "خبزنا اليومي" لأكثر من 13 عاماً
هاكيت
لقد ركز الكاتب "برنت هاكيت" في تعليقه على أن هذه الثعالب الصغيرة هي مشاكل وسلوكيات تبدو غير مهمة في البداية، مثل المرارة أو الكلام الضار ، ولكنها تتراكم لتقضي على النبات كاملاً. سياسياً، تُترجم هذه الثعالب إلى الفساد الإداري، والمحسوبية، والإقصاء، وضعف الانضباط الأمني، وهي آفات إذا سمح لها بالتفشي، ستُحوّل فرصة البناء إلى فشل جديد.

 

1.2. الإنجاز الاستراتيجي كمنطلق: الشرعية المشروطة

شهدت الأشهر القليلة التي تلت سقوط النظام مكاسب استراتيجية غير مسبوقة للقيادة الجديدة. ففي خطوة تاريخية، استقبلت واشنطن الرئيس أحمد الشرع، الذي كان معروفاً سابقاً بصفته الجهادي أبو محمد الجولاني، لتوقيع اتفاق للانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). هذا الاجتماع، الذي كان الأول من نوعه لرئيس سوري في البيت الأبيض، سلط الضوء على التحول الدراماتيكي للشرع من زعيم جهادي إلى رجل دولة يسعى لكسب القبول العالمي.

يُضاف إلى ذلك اللقاءات المستمرة على أعلى مستوى أمني، بما في ذلك اجتماع دمشق الذي جمع الشرع مع قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الأدميرال براد كوبر والمبعوث الأمريكي الخاص توماس باراك. وقد أشاد باراك بقدرة الشرع على جلب الاستقرار والازدهار، مشيراً إلى التقدم المحرز. وبلغ ذروة هذا الاعتراف الدولي صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بشطب اسم أحمد الشرع من قائمة الجزاءات الخاصة بتنظيمي داعش والقاعدة، في خطوة أكدت التزام المجتمع الدولي بالدعم المشروط للاستقرار في سوريا.

إن هذا الاندماج السريع في التحالف الدولي ضد داعش يجب قراءته ليس كقبول مطلق لتوجهات الشرع الديمقراطية، بل كاعتراف نفعي واستراتيجي بضرورة التعاون للقضاء على خطر الإرهاب المتبقي. فالولايات المتحدة وإسرائيل لا تزالان تتبنيان سياسة “الاحترام والاشتباه”، وتراقبان سلوك النظام الجديد. هذا يعني أن الشرعية الدولية المكتسبة هي “كرمة” هشة ومشروطة؛ وأي “ثعلب صغير” يفسد هذه الثمرة – كعدم الانضباط الأمني أو عودة السلوكيات الاستبدادية أو الفساد – سيؤدي فوراً إلى تفعيل الشكوك، مما قد يعيد سوريا إلى مربع العزلة والعقوبات، رغم الشروع في شطب اسمه من قائمة العقوبات.

1.3. تقييم التحول: من عباءة الجهاد إلى سُترة الدولة

لقد كان التحول من أبو محمد الجولاني، السلفي الجهادي السابق والمرتبط بتنظيم القاعدة، إلى الرئيس أحمد الشرع، رجل الدولة الذي يرتدي البدلة ويتبنى خطاب التنمية 9، محوراً للجدل. هذا التحول، الذي بدأ بفك الارتباط الرسمي عن القاعدة في 2016 وتأسيس هيئة تحرير الشام، ثم قيادة الهجوم الذي أطاح بالأسد، يمثل محاولة واضحة لكسب القبول الغربي عبر خطاب متوازن يركز على إعادة بناء المؤسسات.

لقد تعهد الشرع بالحفاظ على سيادة القانون وتجنب الانزلاق إلى الصراع الطائفي، وطرح أجندة إصلاحية في الأمم المتحدة تشمل العدالة الانتقالية وبناء مؤسسات تضمن حقوق الجميع. ومع ذلك، فإن السجل السابق (كإدراجه كإرهابي مطلوب)، وحقيقة أن الجماعة التي قادها (HTS) لا تزال مدرجة كمنظمة إرهابية لدى الولايات المتحدة، يفرض تحدياً على مصداقية هذا التحول. إن الشرعية المكتسبة هي رهان على أن القائد الجديد سيركز على بناء الدولة، لا على أجندته الأيديولوجية السابقة، وهذا الرهان يمكن أن تخسره دمشق إذا سمحت “للثعالب الصغيرة” بالعبث في الحوكمة الداخلية.

الجزء الثاني: الثعالب المفسدة للحوكمة (أزمة التمثيل والفساد المؤسسي)

2.1. الثعلب الثاني: الإقصاء والتمثيل الناقص – حوكمة الأقلية

إن أحد أهم المؤشرات التي تقوض شرعية الحكومة المؤقتة الجديدة هو طريقة تشكيلها وضيق قاعدة تمثيلها، وهو ما يمثل “الثعلب الصغير” الذي يقضم الثقة الوطنية. يشير تحليل لتركيبة الحكومة المؤقتة (CG) وتعييناتها العليا إلى هيمنة واضحة ومفرطة لشخصيات مرتبطة بشكل مباشر بهيئة تحرير الشام (HTS) أو خدمت سابقاً في حكومة الإنقاذ (SSG) التي كانت تدير إدلب. وقد أشار النقاد إلى أن هذه التركيبة ضيقة وتمثل حلفاء الشرع المقربين فقط.

تفاقم هذه الهيمنة أزمة الكفاءات والتمثيل. فالعديد من التعيينات الوزارية تفتقر إلى القدرة التقنية المطلوبة لإدارة دولة حديثة بعد سنوات من الحرب، حيث أن غالبية الوزراء درسوا في مؤسسات محلية متدنية المستوى نسبياً ويفتقرون إلى الخبرة الحكومية المعقدة خارج نطاق إدارة إدلب. هذا الاعتماد على شبكة داخلية ضيقة، على حساب الكفاءات الوطنية المستقلة، يثير المخاوف من أن السلطة الجديدة استبدلت نخب النظام البعثي السابقة بنخب فئوية جديدة.

كما أن هناك فجوة تمثيلية حادة تتعلق بالانتماء الديني والنوع الاجتماعي. فجميع الوزراء البالغ عددهم 21 هم من المسلمين، وغالبيتهم من السنّة، مع تمثيل محدود جداً للأقليات. بالإضافة إلى ذلك، فإن 100% من الوزراء هم من الذكور، مع تمثيل نسائي ضئيل للغاية (حوالي 8%) بين كبار المعينين. هذا التناقض الصارخ يتنافى بشكل مباشر مع التعهدات المعلنة للشرع بضمان حقوق المسيحيين والأكراد والأقليات الأخرى، ويؤكد المخاوف من أن الحكومة الانتقالية قد تكون واجهة تُخفي هيمنة فئوية، مما يدمر الثقة الوطنية ويغذي الاستياء بين المجموعات غير الممثلة.

2.2. الثعلب الثالث: الفساد والمحسوبية – تآكل الثقة الشعبية

كان الفساد المتفشي أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورة ضد نظام الأسد، الذي شهد صفقات ضخمة مشبوهة مثل عقود شركة “حمشو“ التي غطت معاملات فاسدة كلفت الدولة نحو 200 مليون دولار. ولكن التحول إلى نظام حكم جديد لا يعني بالضرورة التطهر من هذه الآفة. إن الفساد الإداري والمحسوبية يمثلان “الثعلب الصغير” الأكثر خطورة على المدى الطويل، لأنه يقضي على الروح الثورية والشرعية الأخلاقية للمشروع الجديد.

لقد ظهرت مؤشرات الفساد في هياكل الحكم السابقة المرتبطة بالقوى المعارضة. ففي إدارة حكومة الإنقاذ، وُثقت حالات فساد في نظامها القضائي، حيث كان الأفراد يحصلون على معاملة تفضيلية بناءً على انتمائهم لـ HTS.23 كما أن المحسوبية الإدارية والمالية لم تقتصر على حكومة الإنقاذ؛ إذ تشير التقارير إلى أن الحكومة السورية المؤقتة السابقة (التي سبقت حكومة الشرع) عانت من فساد إداري ومالي أدى إلى استنزاف منحة التأسيس القطرية.24 شمل ذلك توظيف عدد كبير من الأشخاص بشكل مناطقي، حيث بلغت نسبة الموظفين من مسقط رأس رئيس الحكومة السابق 23%، وكثير منهم كانوا يشغلون مناصب “مدير مديرية” برواتب تصل إلى 3000 دولار شهرياً، رغم أن المديرية لا تضم سواه.

هذه السلوكيات الإدارية، حتى لو كانت حالات فردية في الحكومة الجديدة، تمثل تهديداً خطيراً. إذا استمر الفساد والمحسوبية، وخاصة داخل النظام القضائي أو في إدارة الأموال المخصصة لإعادة الإعمار والجهود الاقتصادية، فسيتم تدمير “العقد الاجتماعي” الجديد بين القيادة والشعب. إن إهدار الموارد النادرة أو ممارسة المحسوبية هو دليل ملموس للمواطن السوري على أن القيادة الجديدة لا تختلف جوهرياً عن القيادة القديمة، مما يضعف الشرعية الداخلية ويهدد بتحويل الاستياء إلى مقاومة منظمة.

لتوضيح حجم التحدي الهيكلي الذي يواجه الحكومة الانتقالية، يتم تلخيص أبرز “الثعالب الصغيرة” المفسدة للحوكمة في الجدول التالي:

 

الثعالب الصغيرة المفسدة للحوكمة في الكرم السوري (2024-2025)

الثعلب الصغير (الآفة الداخلية) تجلياته في الحكومة الانتقالية التداعيات على الكرم السوري (الشرعية الوطنية)
الإقصاء الفئوي هيمنة شخصيات مرتبطة بـ HTS وحكومة الإنقاذ السابقة. تهميش النخب والكفاءات الوطنية المستقلة  وتضييق قاعدة التمثيل المجتمعي.
ضعف الكفاءة التقنية محدودية خبرة الوزراء خارج نطاق إدارة إدلب وتركيز التعليم في مؤسسات محلية. ضعف القدرة على إدارة الأزمات الاقتصادية المعقدة (انهيار العملة، التضخم) والفشل في استعادة الخدمات.
الفساد والمحسوبية استمرار المعاملة التفضيلية في القضاء لأعضاء HTS 23، وتاريخ سوء الإدارة المالية في الهياكل السابقة. تآكل الثقة الشعبية، وتدمير العقد الاجتماعي، وتحويل الاستياء إلى حالة مقاومة.
نقص التمثيل غياب كامل للمرأة في المناصب الوزارية، ونقص في التمثيل الطائفي للأقليات. نسف تعهدات الشمولية وحماية حقوق الأقليات، وإثارة القلق الطائفي والاجتماعي.

 

الجزء الثالث: الثعالب الجارحة – الأمن، العدالة، والوحدة الوطنية (مخاطر التقسيم)

3.1. الثعلب الرابع: التهاون في العدالة والانضباط الأمني

تعهد الشرع في خطاباته ببناء دولة تقوم على العدالة الانتقالية والتحقيق في مصير المفقودين. لكن عامه الأول شهد انتهاكات أمنية خطيرة تناقضت مع هذه الوعود، مما يمثل “ثعلباً جارحاً” يهدد بتقسيم المجتمع السوري على أسس طائفية.

تشير التقارير إلى أن العام الأول -تقريباً- من حكم الشرع شهد “مذابح استهدفت العلويين” واشتباكات في جنوب سوريا شملت قوات “قسد” الموالية للحكومة. وقد رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 1,600 مدني على أيدي ميليشيات موالية للحكومة الانتقالية في غضون فترة قصيرة في آذار 2025.16 تؤكد هذه الأحداث أن الحكومة المؤقتة لديها “قدرة محدودة لضمان الأمن وفرض الانضباط” على جميع الفصائل المسلحة التابعة لها.

إن السماح لمليشيات تابعة للحكومة بارتكاب انتهاكات طائفية، حتى لو كانت حوادث معزولة، يرسل إشارة مدمرة للأقليات بأن النظام الجديد لا يزال ينظر إليهم بعين العداء، أو يتساهل مع الإفلات من العقاب. هذا التهاون الأمني يُعتبر “ثعلباً قاتلاً” لأنه ينسف أي جهد لبناء الثقة الوطنية، ويغذي الأجندات التي تسعى لاستغلال التوترات الطائفية لتحقيق مكاسب سياسية. إذا لم تُفعل العدالة الانتقالية بشكل جدي، وفُرض الانضباط الصارم على القوات المسلحة، فإن الثورة ستفقد شرعيتها الأخلاقية وتنزلق مرة أخرى نحو صراع الهويات والانقسام.

3.2. الثعلب الخامس: صراع التكامل الوطني وتحدي قسد

تحدي الوحدة الوطنية لا يقل خطورة عن تحدي الفساد الداخلي. إن الفشل في دمج القوى العسكرية والمدنية في مناطق شمال وشرق سوريا يمثل “ثعلب الانقسام” الذي يمنع الدولة من استعادة سيادتها الكاملة.

كان اتفاق آذار 2025 بين الرئيس الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، الهادف إلى دمج المؤسسات المدنية والعسكرية مع ضمان الحقوق الدستورية للأكراد، يُعد مفتاحاً لاستعادة وحدة الأراضي السورية. وقد تم تعزيز الآمال بعد الاجتماع الأخير الذي ضم الشرع وعبدي بحضور المبعوث الأمريكي توم باراك والأدميرال براد كوبر.

ولكن بعد أشهر من الاتفاق، لا يلوح تنفيذه في الأفق القريب. هذا التباطؤ القاتل في الاندماج يبقي الشمال الشرقي معزولاً وتحت سيطرة الإدارة الذاتية وقسد/وحدات حماية الشعب، مما يستدعي استمرار النفوذ الأمريكي هناك ويزيد من قلق تركيا التي تعتبر قسد تهديداً لأمنها القومي. وفي الوقت نفسه، يتجدد نشاط تنظيم داعش في المنطقة بعد سقوط نظام الأسد، مما يزيد الحاجة الملحة للتعاون العسكري الموحد لمواجهة الإرهاب.

إن الفشل في دمج قسد يترك سوريا مقسمة عسكرياً وجغرافياً، وهو ما يعيق استعادة السيادة الكاملة على الموارد (مثل حقول النفط والمعابر الحدودية) ، ويجعل البلاد عرضة للتدخلات الإقليمية المستمرة. هذا يهدد بخلق بيئة من الفوضى في المناطق الخارجة عن السيطرة المركزية (مثل الجنوب حيث توجد الأقلية الدرزية)، مما يعزز خطر فشل الدولة.

3.3. الثعالب الإقليمية: إسرائيل والاعتماد على الضعف السوري

بينما يركز الشرع على الاستقرار وكسب الاعتراف الدولي، فإنه يتجنب مواجهة إسرائيل ويدين النفوذ الإيراني. وقد اتخذت إسرائيل، التي كانت قلقة من صعود HTS، إجراءات عسكرية سريعة لتدمير ما تبقى من القدرات العسكرية السورية التقليدية.

هذا التحرك يمثل “الثعلب الإسرائيلي” الذي يستغل الفراغ الأمني الداخلي. فقد استغلت إسرائيل ضعف الحكومة الجديدة والانسحاب الإيراني من الساحة  لتأكيد سيطرتها على المنطقة منزوعة السلاح في الجولان، معلنة أنها ستبقى هناك “في المستقبل المنظور“. إن القلق الإسرائيلي ليس مقتصراً على قوة الحكومة السورية، بل أيضاً على ضعفها المحتمل وعدم قدرتها على السيطرة على الجماعات الجهادية المتبقية.

إن الضعف الأمني الداخلي للحكومة الانتقالية وعدم قدرتها على بسط السيطرة والانضباط (الثعالب الداخلية)، يوفر مبرراً للقوى الإقليمية للتدخل وتقويض عملية التوحيد. وإذا لم يستطع الشرع تثبيت حكمه وبناء دولة قوية ومنضبطة قادرة على ممارسة سيادتها، فستستمر إسرائيل في تبني سياسات تعوق توحيد دمشق لسوريا، معززة الانقسام وتزيد من مخاطر تجدد الصراع.

الجزء الرابع: حماية الكرمة – الدروس المستفادة والتوصيات الاستراتيجية

4.1. الكلفة الاستراتيجية للتهاون: الدرس من الكرمة التالفة

يجب أن يكون الدرس المستفاد من حكمة برنت هاكيت واضحاً: إن التهاون في التعامل مع الأخطاء الصغيرة هو ما يقود إلى الفشل الكبير. لقد أُزيح النظام الاستبدادي الضخم (الوحش)، لكن مصير الكرمة السورية (الدولة الناشئة) يعتمد على مدى الحذر من “الثعالب الصغيرة” المتمثلة في العيوب الهيكلية والسلوكية في الحكم.

إن تراكم الفساد الإداري، والمحسوبية، والإقصاء، وعدم الإنصاف في العدالة الانتقالية، يمثل عملية تآكل بطيئة ولكنها قاتلة للشرعية. إذا استمرت هذه الثعالب في العمل دون رادع، فإن الحكومة الانتقالية ستفقد قدرتها على الإدارة والوفاء بوعودها الاقتصادية، مما يهدد بدفع سوريا إلى حلقة جديدة من عدم الاستقرار، وعودتها لتكون مصدر قلاقل إقليمية (كأزمة المخدرات وتجارة الكبتاغون). لقد جرب العالم أن تكون سوريا مولدة للأزمات ، ولن يتم كسب الثقة الدولية وإعادة الإعمار إلا إذا أثبتت الحكومة الانتقالية قدرتها على “صيد” هذه الثعالب الداخلية.

4.2. التوصيات الاستراتيجية لـ “صيد الثعالب”

يتطلب حماية الكرمَة السورية وإثمارها تحركاً استراتيجياً فورياً على أربعة مستويات رئيسية:

  1. لمكافحة ثعلب الإقصاء (توسيع الحوكمة):

يجب على الرئيس الشرع أن يفي فوراً بوعوده المتعلقة بالشمولية عبر إحداث تغييرات هيكلية واسعة في الحكومة الانتقالية. يتطلب هذا استقطاب كفاءات تقنية حقيقية غير مرتبطة بالخلفية الأيديولوجية لـ HTS/حكومة الإنقاذ. ويجب ضمان تمثيل حقيقي (وليس شكلي) للمرأة والأقليات (غير السنيّة) في المناصب العليا لتعزيز الشرعية الوطنية والدولية لمؤسسات الدولة.

  1. لمكافحة ثعلب الفساد (المساءلة والشفافية):

يتعين بناء نظام رقابة مالية وإدارية فعال يضمن الشفافية الكاملة في استخدام منح إعادة الإعمار والاستثمار الدولي. ويجب فصل النفوذ العسكري عن القضاء والإدارة المدنية فوراً. بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء هيئة عليا مستقلة لمكافحة الفساد لديها صلاحية ملاحقة ومحاسبة أي مسؤول يثبت تورطه في المحسوبية أو استغلال المنصب، بغض النظر عن انتمائه السابق أو الحالي.

  1. لمكافحة ثعلب الأمن (العدالة والانضباط):

يجب على القيادة الانتقالية أن تثبت التزامها المطلق بالعدالة الانتقالية وسيادة القانون عبر أفعال ملموسة. ويجب إجراء تحقيقات مستقلة وعلنية في جميع تقارير الانتهاكات الطائفية وحوادث العنف، وضمان محاكمة فورية لمرتكبيها، لفرض الانضباط على القوات المسلحة. إن تحقيق العدالة هو الركيزة الأساسية لتهدئة المخاوف الطائفية وبناء الثقة في مشروع الدولة.

  1. لمكافحة ثعلب الانقسام (الوحدة الوطنية):

يجب الدفع الجدي نحو تطبيق اتفاق دمج قسد والمؤسسات المدنية في الشمال الشرقي قبل الموعد النهائي المحدد نهاية العام. ينبغي العمل بدعم أمريكي (المتمثل في دور المبعوث الخاص وقائد CENTCOM) لضمان الحقوق الدستورية للأكراد وإعادة توحيد الأراضي وبناء جيش وطني شامل وقادر على مواجهة خطر داعش المتجدد والتهديدات الإقليمية.

4.3. الخاتمة: مصير الكرمة السورية بين الاستقرار الكبير والفشل الصغير

إن مصير سوريا الجديدة متوقف على المدى الذي يمكن للقيادة الانتقالية أن تنجح فيه في معالجة التفاصيل الدقيقة للحوكمة والاستقامة. لقد تم تحقيق نصر عسكري واستراتيجي عظيم بإزاحة نظام الأسد وكسب اعتراف دولي غير مسبوق. ولكن بناء الدولة المستقرة لا يتعلق بالانتصارات الكبرى، بل يتعلق بالتفاصيل اليومية للحكم الرشيد.

إذا استمرت “الثعالب الصغيرة” في تدمير الثقة الداخلية وتآكل الشرعية الأخلاقية عبر الإقصاء والفساد والتهاون في العدالة، فإن المكاسب الاستراتيجية ستتلاشى حتماً. وكما أن التهاون في صغائر الأمور يفسد العلاقات الإنسانية والمجتمعية، فإن تكرار عيوب الأنظمة السابقة في الحكم والإدارة سيعيد سوريا إلى حلقة الفشل. يجب على القيادة الانتقالية أن تدرك أن حماية “الكرمَة السورية” لا تتم فقط بمكافحة الأعداء الخارجيين، بل بحماية الجذور من الآفات الداخلية، عبر تطبيق صارم للعدالة والشمولية والشفافية. الوقت ينفد، والفشل في صيد هذه الثعالب الصغيرة يعني المخاطرة بالفرصة التاريخية للسلام والاستقرار التي طال انتظارها.

          
Tags: أحمد الشرعالتحالف الدوليالثعالب الصغيرة.الجولانيالحكومة الانتقاليةالعدالة الانتقاليةالفسادتقسيم سورياسورياقسدهيئة تحرير الشام
المقالة السابقة

تقرير استراتيجي سري: تحليل المخططات العالمية لاختراق الدول العربية: تفكيك الاستراتيجيات، أدوات السيطرة، وصياغة خطة الدفاع السيادي

المقالة التالية

لعبة الأمم الكبرى: هل يعاد تشكيل العالم على أنقاضنا؟

فريق تحرير مآلات

فريق تحرير مآلات

Maalat.com مآلات..رؤى سورية مستقبلية

متعلق بـ المقاله

تقرير استراتيجي سري.. تحليل المخططات العالمية لاختراق الدول العربية - تفكيك الاستراتيجيات، أدوات السيطرة، وصياغة خطة الدفاع السيادي
تداعيات الأحداث

تقرير استراتيجي سري: تحليل المخططات العالمية لاختراق الدول العربية: تفكيك الاستراتيجيات، أدوات السيطرة، وصياغة خطة الدفاع السيادي

فريق تحرير مآلات
2025-11-05
انشقاق التحالف الغربي: عزلة إسرائيل المتفاقمة على جبهتي القانون والتطبيع
تداعيات الأحداث

انشقاق التحالف الغربي: عزلة إسرائيل المتفاقمة على جبهتي القانون والتطبيع

فريق تحرير مآلات
2025-10-24
المساجين السوريون في لبنان.. عدالة معلّقة بين «الدولة العميقة» ومسارات الإصلاح
تداعيات الأحداث

المساجين السوريون في لبنان… عدالة عالقة بين أنياب الدولة العميقة وضمير القضاء

صفاء مقداد
2025-10-23
بناء الدولة السورية.. نقد التفرد وضرورة العدل كحصن للعمران الانتقالي
تداعيات الأحداث

بناء الدولة السورية: نقد التفرد وضرورة العدل كحصن للعمران الانتقالي

د. صلاح وانلي
2025-10-09
الشرع في المسار الوعر نحو عقد اجتماعي جديد - تحليل متعدد الطبقات للإرث السوري وتحديات الانتقال
تداعيات الأحداث

الشرع في المسار الوعر نحو عقد اجتماعي جديد: تحليل متعدد الطبقات للإرث السوري وتحديات الانتقال

عامر عبد الله
2025-09-23
اغتيال تشارلي كيرك حافز لليقظة لدى النخب السياسية العربية
تداعيات الأحداث

اغتيال تشارلي كيرك حافز لليقظة لدى النخب السياسية العربية

د. جورج توما
2025-09-21
المقالة التالية
لعبة الأمم الكبرى.. هل يعاد تشكيل العالم على أنقاضنا؟

لعبة الأمم الكبرى: هل يعاد تشكيل العالم على أنقاضنا؟

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

أحدث المقالات

  • هل تصدّعت فوبيا الإسلام في عُقر دار الصهيونية العالمية؟
  • لعبة الأمم الكبرى: هل يعاد تشكيل العالم على أنقاضنا؟
  • تحليل استراتيجي: الثعالب الصغيرة المُفسدة للكروم السورية
  • تقرير استراتيجي سري: تحليل المخططات العالمية لاختراق الدول العربية: تفكيك الاستراتيجيات، أدوات السيطرة، وصياغة خطة الدفاع السيادي
  • سردية تلفيق أسطورة “إسرائيل الكبرى”

أحدث التعليقات

  1. مآلات على مؤتمر “أربعاء حمص” يجمع أكثر من 13 مليون دولار لدعم التعليم والصحة والبنى التحتية في المدينة
  2. مآلات على مؤتمر “أربعاء حمص” يجمع أكثر من 13 مليون دولار لدعم التعليم والصحة والبنى التحتية في المدينة
  3. مآلات على مؤتمر “أربعاء حمص” يجمع أكثر من 13 مليون دولار لدعم التعليم والصحة والبنى التحتية في المدينة
  4. مآلات على مؤتمر “أربعاء حمص” يجمع أكثر من 13 مليون دولار لدعم التعليم والصحة والبنى التحتية في المدينة
  5. Henry Schumm على مؤتمر “أربعاء حمص” يجمع أكثر من 13 مليون دولار لدعم التعليم والصحة والبنى التحتية في المدينة

ارشيف مآلات

4793 - 477 (267) 1+
E-mail - support@maalat.info
مالات .. سورية رؤى مستقبلية
DMCA.com Protection Status
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • معايير النشر
Menu
  • من نحن
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • معايير النشر
جميع الحقوق محفوظة © بموجب قانون الألفية لعام 2023 - مآلات - سورية .. رؤى مستقبلية

إضافة قائمة تشغيل جديدة

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط. من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. قم بزيارة سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا.