استهلال
تزخر صفحات التاريخ بالدور الحيويّ والمشرق الذي بذلته القيادات الروحية في التصدي للأزمات ومعالجة الكوارث الإنسانية التي تسببت فيها النزاعات والحروب الإقليمية، والمجازر التي ألمّت بالشعوب التي تتسلط عليها وتحكمها دكتاتوريات شمولية. ولا يمكن إغفال الأثر الإيجابي التي تنشره القيادات الروحية على البسيطة
سطر لنا التاريخ بأن الكنائس دأبت في معظم عظاتها- إن لم نقل كلها- على تذكير البشر بأهمية نصرة المظلومين ورعاية فاقدي الحرية، والالتزام بالعدالة الاجتماعية والاهتمام بالفقراء والضعفاء في المجتمع. كما ورد في إنجيل لوقا (4/ 18-19):
“رُوحُ الرَّبِّ عليَّ، لأنَّهُ مَسَحَني لأُبَشِّرَ الفَقراءَ. أرسلني لأناديَ بالعَافيَة للمأسوفين قلوبهم، ولأُعلِن للأسرى المحبوسين بالتَّحرِّرِ، وللعميان أنَّهُم يُبصَرُونَ، وأرسلني لأضعَ الذين يضطهِدهُم في الحريةِ.”
حاضرنا .. عتب ولوم
أما اليوم، فلم تعُد معظم الكنائس تسلّط الضوء على هذه المأثرة الربانيّة التي يستلزمها الواقع الذي نعيشه في سورية، والذي تطّلب منذ أكثر من اثني عشر عامًا التدخل العاجل والجدّي من قبلكم، وتنبيه المجتمع العالمي إلى أهمية العمل المشترك لإيجاد حلاً للأزمة. ونحن نشعر بألم عميق من أن بعض الكنائس في سورية لا تزال تقدم الدعم لرأس النظام وتصفق له رغم الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، وهو الأمر الذي يعارض القيم الإنسانية والدينية.
المناشدة
يعقد السوريون الآمال على مكانتكم الروحية التي تتبؤونها من أجل تكريس قدراتكم الفعّالة لتحقيق تأثير إيجابي كبير في هذا السياق، حيث يتمتع أعضاء الكنائس بسلطة دينية واجتماعية تمكنهم من التأثير على السياسات الحكومية والشعبية. لذلك نوّد اقتراح الأمور التالية:
- الحث على السلام وتحقيقه: يُمكن للكنائس المسيحية في كل أرجاء العالم، أنْ تشجّع على السلام والحوار الوطني في سورية وتستخدم نفوذها للضغط على الأطراف المتصارعة في الساحة السورية من أجل تعطيل نظام الحكم الشمولي، ووقف العنف الممنهج ليتسنى للشعب إدارة البلاد سياسياً واستدامة موارده الاقتصادية بما يكفل العدالة والازدهار.
- تقديم المساعدة الإنسانية: يُمكن للكنائس حيثما كانت، توجيه المزيد من الموارد المالية والإغاثية إلى المناطق المتضررة داخل سورية وضمان وصول المساعدة إلى النازحين والمحتاجين بشكل مباشر.
- نشر الوعي حول معتقلي الرأي: يمكن للكنائس المسيحية أن تساهم عالمياً في إثارة قضية معتقلي الرأي في سورية من خلال النشرات الإعلامية والأنشطة الاجتماعية.
ختاماً
يؤكد السوريون أن دور القيادات الروحية المسيحية في إنقاذ سورية وشعبها يمكن أن يكون حاسمًا. وكما قال قداسة البابا فرنسيس: