من الصعب على الإنسان أن يستشرف آفاق مستقبل سوريا في واقع معقد كواقع سوريا، حيث يتداخل البُعد الدولي مع البُعد الإقليمي والمحلي، والأبعاد العسكرية تتلاقى مع الأبعاد السياسية، متناغمة مع الأبعاد الدينية والقومية والطائفية, تتحول إلى تحدي للكتاب والمحللين السوريين، الذين يجدون أنفسهم مرتبطين بخيوط النور في وسط هذا الظلام، ويحوّلون شعيرات الأمل إلى حبال ثقة، متوكلين على الله في تخطي العقبات.
في البداية
يجدر بنا التأكيد على حقائق هامة غابت عن الكثيرين، أو تم تجاهلها فيما حدث ويحدث في سوريا بشكل يقصدون به ايجاد مبررات للدخول كأطراف محورية في هذا النزاع بين سلطة مستبدة وشعب مظلوم.
الحقيقة الأولى:
تكمن في أن ما حدث في سوريا منذ عام 2011، والمعروف باسم “الثورة السورية“، لم يكن نتيجة لتخطيط محكم أو قرار مدروس، بل كان رد فعل عفوياً على ظلم فاق الحدود وطغى على العقل والإنسانية. كانت حملة ممنهجة لجرّ الناس المستضعفين إلى ساحة صراع غير قادرين على التصدي له.
الحقيقة الثانية:
يجب التنويه الى ان الإساءة التي تعرض لها الشعب السوري على يد وسائل الإعلام العالمية الموجهة، أُستغلت الأحداث لتشويه صورة الشعب وتشهيره, بينما اتفق العالم على إدانة جرائم النظام السوري، تم تضخيم جرائم فردية تحت غطاء محاربة الإرهاب، مما أدى إلى إيجاد موقف ريبي وإنكاري من الثوار والثوار المحتملين.
وفيما يخص الدور الدولي، فإن التقسيم الظاهري للمجتمع الدولي إلى مؤيد ومعارض للثورة ليس بالشكل الذي يبدو على السطح. فالموقف الأمريكي، على سبيل المثال، كان يعكس تماشياً مع الموقف الروسي، حيث كان الحل السياسي يعني بشكل غير مباشر الالتزام بالنظام الحاكم. كما قيّدت الولايات المتحدة تسليح السوريين للدفاع عن أنفسهم، مما فتح المجال لاستخدام النظام لكل وسائل القتال بما في ذلك الطيران، بينما فاقمت الولايات المتحدة المأساة بتجاهلها لتدخل إيران وروسيا.
الحقيقة الثالثة:
تتعلق بتفرق القوى الإقليمية والدولية، حيث استخدمت الولايات المتحدة نفوذها لتوجيه دول الإقليم في اتجاه مدان للشعب السوري. وقد أدى هذا التدخل إلى فقدان الشعب السوري لمرجعية مركزية تدير الصراع وتواجه المؤامرات بالتالي، أصبحت الثورة في فوضى بلا قيادة، مما سمح للعدو بالاستفادة من الانقسامات الداخلية.
في ظل هذه الحقائق، يصبح من الضروري فهم أن معركة سوريا ليست فقط صراعاً محلياً، بل هي جزء من حرب وجودية أُعلِنت عنها السلطة الإيرانية. ينبغي على الأمة أن تقف في وجه هذا التحدي الكبير، وأن تفهم أن الحرب في العراق وسوريا واليمن تشكل جزءًا من حرب أوسع ضد الأمة الاسلامية.
في نهاية المطاف
يجب أن يستمر السوريين في تحقيق التضحيات والدفاع عن مبادئهم لمواجهة تحديات الوجود. ينبغي على أفراد هذه الأمة أن يدركوا أن هذه المعركة ليست مجرد صراعاً محليًا، بل هي معركة إرادات تمتد على نطاق واسع. ومن خلال فهم هذه الحقائق، سيكون للأمة القوة للتصدي لمؤامرات الأعداء وحماية هويتها ووحدتها.