ثمة أسباب مختلفة تدفع الإنسان لمغادرة بلاده إلى بلد آخر بصفة لاجئ، منها الحروب، ومنها التضييق على الحريات، ومنها الفقر…ويلاحظ أن ظاهرة اللجوء غالباً إن لم نقل دائماً ما تكون، في البلاد الفقيرة والمتخلفة والمستبدة، فلم يسمع أحدنا أن شخصا – إلا ما ندر – من الولايات المتحدة أو بريطانيا أو ألمانيا …قد طلب لجوءاً ما.
نسمات الحرية هبت
إبان الربيع العربي التي كانت إرهاصاته في تونس قبل عقد ونيف كثر طالبو اللجوء بسبب الثورات والثورات المضادة التي أعقبتها، وفي هذا المقال نقف عند تعريف وأنواع اللجوء ومن ثم لجوء السفاح بشار الأسد إلى روسيا:
اللاجئون:
هم الأفراد الذين أُجبروا على الفرار من أوطانهم وبلدانهم قسراً، هرباً من الحروب أو خوفاُ من الاضطهاد والعنف القائم على الجنس أو الدين أو الرأي، ويحقّ لهم اللجوء إلى الخارج بموجب مواثيق حقوق الإنسان العالمية، وفيما يلي أبرز أنواع طالبي اللجوء حول العالم:
اللاجئ هرباً من الحرب
اللاجئ هرباً من الحرب اللاجئ الذي يفر من الحرب هو الشخص الذي يترك بلده بسبب الصراعات المسلحة والحروب والاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تجتاح بلاده. وتشمل هذه الأسباب الحرب الأهلية والنزاعات الداخلية والاحتلال العسكري والعنف السياسي والاضطهاد والتمييز العرقي والديني والجنسي وغيرها من الأسباب الأخرى التي تجعل الشخص يخشى على حياته وسلامته في بلده، مما يُجبره على البحث عن مكان آمن للعيش.
اللاجئ السياسي
هو الشخص الذي يتعرّض للتهديد بالقتل أو الاعتقال والاضطهاد في بلده الأصلي، بسبب نشاطاته وآرائه السياسية مثل معارضة النظام الحاكم أو الانتماء إلى حزب أو مجموعة سياسيّة معيّنة، ويحق له التقدّم بطلب اللجوء إلى بلد آخر وفقاً للقانون الدولي. قد يواجه اللاجئ السياسي بعض العقبات في رحلة اللجوء، لما لها من تأثير على العلاقات الدبلوماسية بين البلد المُضيف وبلد اللاجئ الأصلي.
اللاجئ الديني
اللجوء الديني هو أن يقوم الفرد باللجوء إلى دولة أُخرى بسبب تعرّضه للاضطهاد بسبب معتقداته الدينيّة أو اللادينيّة، ويشمل ذلك العنف المبني على أساس المذهب أو الطائفة، وقد يواجه اللاجئ الديني تحدياتٍ إضافية عند طلب اللجوء، مثل الحاجة إلى إثبات صدق معتقداته وخطر ذلك على حياته.
اللاجئ العائلي
يشير اللجوء العائلي إلى عملية طلب اللجوء في بلد جديد بهدف لمِّ شمل جميع أفراد الأُسرة التي أُجبرت على الفرار من وطنها بسبب الاضطهاد والحرب، إذ تنفصلُ أُسر اللاجئين عن بعضها البعض أثناء رحلتهم نحو برِّ الأمان، أو قد يضطرون إلى ترك أحبائهم الذين عجزوا عن الفرار معهم، ثمَّ يتقدموا بطلب اللجوء ليجتمعوا معاً من جديد.
اللاجئ الصحي
اللاجئون بسبب الظروف الصحيّة، هم الأفراد الذين أُجبروا على مغادرة منازلهم لأسباب تتعلق بالصحة، مثل تفشّي الأمراض المُعدية أو عدم الحصول على الرعاية الطبية المناسبة في بلدانهم، وقد برز هذا جليّاً في حادثة الزلزال الذي ضرب تركيا وشمال سوريا في فبراير/ شباط 2023.
اللجوء الإنساني:
رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد قام بالتنكيل بشعبه من قتل وتعذيب وتهجير واغتصاب وممارسات كل ضروب انتهاك حقوق الإنسان لمدة قرابة عقد ونصف، وقد جعل معظم شعبه مصاباً بالإعاقات والأمراض النفسية والأمراض المزمنة، وبعد كل هذا جمع أموال البلد وفرّ بها إلى روسيا، وبدل أن تسلمه روسيا إلى المحاكم الدولية جزاء ما اقترفت يداه، استقبلته هو وأموال بلده التي سرقها، ومنحته اللجوء الإنساني.
فهل يحق لها ضمن جميع الدساتير الدينية أو الوضعية أن تفعل ما فعلت؟!!
تُعرّف دائرة المعارف البريطانية اللجوء الإنساني على أنّه الحماية التي تُمنح لشخص ما من دولته التي تعرّض فيها للعنف، أو الاضطهاد، أو السجن التعسفي، ولا يُعتبر اللجوء أمراً مُلزماً وقانونياً للدولة التي لجأ إليها الشخص، حيثُ يحقُّ للدولة أن ترفض طلب اللجوء إذا لم يحقق شروط اللجوء عندها. هذا ويسمح اللجوء الإنساني لمقدم الطلب بالحصول على اللجوء حتى لو أظهرت الحكومة أن خطر مقدم الطلب قد انتهى وأنه لن يكون هناك اضطهاد في المستقبل، كما يجب على مقدم الطلب إثبات أسباب مقنعة لعدم رغبته أو عدم قدرته على العودة إلى البلاد نتيجة لخطورة الاضطهاد الذي تعرض له في السابق الذي طلب اللجوء.
عند النظر بالتعريف للجوء الإنساني يتبين لنا أن روسيا حولت المجرم السفاح إلى ضحية، فهي وضعت كل ما مارسه من فظائع ومسالخ بشرية خلف ظهرها، وقبلت لجوئه مع أن القانون الدولي لا يلزمها بقبوله لاجئاً إنسانياً، فضلاً عن أن هذا الفعل الشائن يلطخ تاريخها وسمعتها الملطخة أصلاً والملوثة بدماء السوريين والشيشانيين والأوكرانيين…ثم أنني أطرح عليها سؤالاً استنكارياً، هل هي تعتبر بشار إنساناً؟!
ما صنعه بالشعب السوري من انتهاكات ومآسي وبيع لأعضائهم البشرية واستخدام أجهزة متطورة لتعذبيهم وإهانتهم كما رأينا في سجن صيدنايا تشهد كلها على أن ذلك الكائن وحش مفترس لا يمتلك من الإنسانية إلا شكله وجسده، وقد بزّ وتجاوز كل الطغاة عبر التاريخ القريب والبعيد من أمثال “نيرون” إلى “كاليجولا” إلى “فرعون” إلى “النمرود” إلى “ستالين” إلى “هتلر” إلى “القذافي” إلى “زين العابدين“….
يتوجب إنسانياً وأخلاقياً على روسيا أن تعيد النظر في قرارها المجانب للصواب وتقف ولو لمرة واحدة بجانب الحق والمظلومين والمضطهدين وتسلم بشار لمحكمة دولية أو للمحكمة السورية وينال جزاءه العادل.