لا تستحق الأغلبية أن تضحي بنفسك من أجلهم ،
ولا تستحق الأقلية الباقية الخيانة.
"جورج برنارد شو"
في تطور جديد وملحوظ على الساحة السورية، بدأت موجة من انسلاخ بعض مؤيدي النظام السوري عن صفوفه، وإعلانهم التخلي عن دعمه، والمطالبة بالتغيير.
ويأتي هذا التطور بعد سنوات من التمسك بالنظام، والاستماتة في الدفاع عنه غير آبهين بحجم المجازر التي يرتكبونها بحق الشعب السوري. لقد تجاوزوا بتقديسهم للأسد تجاوزت ما فعله الفريسيون اليهود في محاربة المسيح، وبعدهم مشركوا قريش في مناهضة النبي محمد.
وقد سبق أثناء تطور الثورة وامتداد رقعتها أنْ قامت شخصيات بارزة في النظام السوري من رجالات الدولة، منهم بعض الوزراء وشخصيات من ذوي المناصب السيادية، وعدد كبير من القيادات العسكرية اعلان انشقاقها عن النظام. ولكن في هذه المرحلة المتأخرة من عمر الثورة، حدث تطور ،كانت جماهير الثورة تتوقعه، ألا وهو هؤلاء الفارين من شرنقة الأسد واعلان تخليهم عن دعمه، والمطالبة بتغيير هذا النطام جذرياً.
في كل صباح، ينتشر صدى نداءات هؤلاء الفارين من شرنقة الأسد وظهورهم على منصات التواصل الاجتماعي للتصريح عن ندمهم الشديد على دعمهم للنظام، ووصفوا ذلك بـ”الخطأ الكبير الذي ارتكبوه”، طالبين جماهير الثورة بالعفو عنهم، والصفح عنهم، والمضي قدمًا نحو بناء سوريا جديدة، خالية من الاستبداد.
ويُعد هذا التطور مؤشرًا مهمًا على بدء انهيار النظام السوري، واقتراب نهايته.
أسباب حدوث هذا التبدّل
ومن أبرز أسباب حدوث هذا التبدّل في المواقف هو:
- المجزرة التي ارتكبها النظام بحق المدنيين في حي التضامن في دمشق، والتي راح ضحيتها أكثر من 1300 شخص.
- استخدام النظام للأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة ضد المدنيين في بعض المدن السورية والتي أسفرت عن مقتل آلاف الأبرياء كالأطفال والنساء والشيوخ.
- فشل النظام في تحقيق أي تقدم في الحرب، رغم الدعم الكبير الذي تلقاه من روسيا وإيران وحزب الله والمرتزقة الذين استعان بهم من جنسيات مختلفة.
- دعم المجتمع الدولي للمعارضة السورية، وفرض العديد من العقوبات على النظام.
- النضج السياسي للشعب السوري، ووعيه بخطورة النظام، وضرورة التخلص منه.
فمع انسلاخ المزيد من هؤلاء الفارين من شرنقة الأسد، فإن ذلك سيؤدي إلى إضعافه، وجعل من الصعب عليه البقاء في السلطة. وهذا التطور يعكس أيضًا نضج الوعي لدى الشعب السوري، ووعيه بخطورة النظام، وضرورة التخلص منه.
فبعد سنوات من القمع والقتل، أدرك الشعب السوري أن النظام لا يستحق الدعم، وأنه لا يمكن العيش معه. ولذلك، فإن هذا التطور سيعجل بنهاية النظام الاستبدادي في سوريا، وبناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.
العوامل التي أدت إلى انسلاخ مؤيدي الأسد
هناك العديد من العوامل التي أدت إلى انسلاخ مؤيدي الأسد عن صفوفه، ومن أبرزها:
- المجازر التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري، والتي أظهرت مدى وحشيته ودمويّته. خاصة التي تمَّ توثيقها دولياً مثل صور قيصر واعترافات “حفَّار القبور” وافادات بعض الضباط المنشقين أمام محاكم بعض الدول الغربية.
- فضائح توريد الأسد حبوب الكبتاغون بكميات قياسية إلى دول العالم كي يعزز ثروته، ويرمم اقتصاد الدولة بجزء منها.
- فشل النظام في تحقيق أي تقدم في الحرب، واستمرار سيطرته على جزء من الأراضي السورية.
- دعم المجتمع الدولي للمعارضة السورية، واعتراف العديد من الدول بها كممثل شرعي للشعب السوري.
- بيع النظام بعض المرافق الحيوية والإقتصادية للمحتل الإيراني والروسي في الآونة الأخيرة.
- السماح بنشر التشيع بلا حدود لإحداث تبديل ديموغرافي لنسيج المجتمع السوري ذو الأغلبية السنية.
النضج السياسي للشعب السوري
وهذه بعض العوامل الرئيسة التي زادت من النضج السياسي للشعب السوري، ووعيه بخطورة النظام، وضرورة التخلص منه، وأدى إلى انسلاخ مؤيدي الأسد على النظام السوري.
وقد تسبب ذلك إنسلاخ المؤيدين للنظام في:
- إضعاف النظام، وجعل من الصعب عليه البقاء في السلطة.
- زيادة الضغط على النظام، وجعله أكثر عرضة للانهيار.
- إعطاء الأمل للشعب السوري، وتعزيز رغبته في الاستمرار في الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية. ومثال ذلك تحرّك
- المظاهرات في بعض المناطق التي كانت رمادية عند انطلاق الثورة.
ثوابت الثورة لم تتبدل
مازالت ثوابت الثورة قائمة ولم تتبدل خلال العقد الذي انقضى من عمرها وما زالت مستمرة. ومما يؤكد ذلك عودة تأجج جذوتها عندما تعالت أصوات السوريين عالية في جبل العرب وحوران _ مسقط رأس الثورة أذار 2011، ومما يشهد على استمرار الثورة هتافات المتظاهرين -اليوم كما كل يوم_ تعبرُّ عن مطالب الشعب التي تتلخص بالأولوليات التالية:
- بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.
- تحقيق المصالحة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب السوري.
- استعادة كل ما فرَّط به النظام من ثروات البلاد ومرافقها.
- إعادة إعمار سوريا، وإعادة النازحين إلى منازلهم.
خاتمة
يُعد انسلاخ مؤيدي الأسد على النظام السوري مؤشرًا مهمًا على بدء انهيار النظام السوري، وحتميّة نهايته. فمع تزايد فرار مؤيدي النظام من شرنقة الأسد، سيؤدي ذلك إلى إضعافه، وجعل من الصعب عليه البقاء في السلطة. وبالتالي عودة المهجرين إلى مرابعهم للعمل على بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وترسيخ السلم الأهلي واستعادة ازدهار هذه الحضارة.