يتألق “الجولان السوري” كبقعةٍ من الأراضي السورية ذات الفرادة والخصوصية، خاصة أنها تحمل في طياتها تاريخاً غنياً بوفرة الأحداثٍ ومستقبلٍ غامضاً، وذلك في سياق جغرافي يشكل عنصراً حيوياً في المنطقة الشرق الأوسط.، لكونها منطقة ذات أهمية جيوسياسية حيوية للأمن القومي للبلاد، لأنَّ مرتفعات الجولان الحصينة تهيمن على جزء كبير من جنوب سوريا وشمال فلسطين المحتلة.
ما أحرى شهادة أهله به:
هذا الجولان المشتت والمقزّم وهو يتسع سوريا بأكملها بخيراته وعطاء أهله، عدا قيمته الزراعية والسياحية والمائية والتاريخية والأثرية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي في قلب بلاد الشام. عدا كل هذا فثروته الأساسية هو الانسان السوري فيه والذي أكد على مر العصور وحدته وتلاحمه وهو بكل بساطة سوريا المصغرة، ففيه كل الطوائف والإثنيات على بقعته الصغيرة التي لا تشكل أكثر من واحد بالمائة من المساحة الجغرافية السورية.
محمد زعل السلوم - جريدة أوراق في رابطة الكتاب السوريين
استراتيجية الموقع
توصف جغرافياً بأنها هضبة تقع في الخاصرة الجنوبية السورية بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، تتبع إداريًا لمحافظة القنيطرة (كلياً في ما مضى وجزئيًا في الوقت الحاضر)، وهي جزء من سورية وتتبع لها. ولكن منذ أنْ احتل الجيش الإسرائيلي في حرب 1967 ثلثي مساحتها، وأقرَّت الأمم المتحدة – من ذلك الحين أنِّ الجولان أرضاً سورية محتلَّة (مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981)، ما زالت الحكومة السورية تطالب بتحريرها وإعادة السيادة السوريَّة عليها.
- تبعد هضبة “الجولان السوري” 60 كم إلى الغرب من مدينة دمشق. وتقدر المساحة الإجمالية لها بـ 1860 كم2، وتمتد على مسافة 74 كم من الشمال إلى الجنوب دون أن يتجاوز أقصى عرض لها 27 كم. ويعتبر موقع “الجولان” ذو فعالية جيوبوليتيكية يجعلها عنصراً لا يمكن تجاهله في المعايير الإقليمية والدولية.
- يَردُ في بعض المراجع اسم “الجولان السوري” كبديل عن اسمها القديم “الهضبة السورية”، حيث كان ذلك الاسم الأكثر شيوعًا قبل العام 1967، مما هو عليه اليوم. وقد جاءت تسمية الجولان من الاشتقاق اللغوي لكلمة (أجوال)، وهي تعني البلاد التي تعجّ فيها الغبار، ويثبت ذلك ما يحدث فعلاً في الجولان من هبوب للرياح وتعجيج الغبار في نهاية الصيف وبداية الخريف، إذ يتغير اتجاه الرياح وتصبح عنيفة وغير منتظمة أو زوبعية أحياناً تبعاً لطبيعة التضاريس فيها.
أما على الصعيدين الثقافي والتاريخي، يحمل “الجولان السوري” أثاراً حضاريةً تعكس تنوعاً وغنىً ثقافياً كبيراً. إذ شهدت هذه الأرض العديد من الحضارات القديمة. وتعاقبت عليها الإمبراطوريات المختلفة، مما جعلها موطناً للعديد من المواقع الأثرية والتاريخية، التي تحكي ملاحماً وقصصاً مهمّة عن الماضي العريق للمنطقة.
تاريخ “الجولان السوري” الحضاري
عاصر الجولان تسلسلاً حضارياً ابداعياً منذ العصور الحجرية تشهد عليه آثار ما قبل التاريخ، خاصة ما بقي من أوابد الحضارة السورية الأمورية والكنعانية و الآرامية و النبطية و الغسانية و الإسلامية المتعاقبة عبر العصور التاريخية الغابرة والمعاصرة. وقد ترافق ازدهار هضبة “الجولان” في المواقع التي امتدت جنوباً من نهر اليرموك وإلى الشمال من جبل الشيخ وإلى الشرق من سهول حوران وريف دمشق، وتطل الهضبة على بحيرة طبرية ومرج الحولة غرب الجليل.
وقد بيَّنت الدرسات الأركولوجية والانثروبولبجية أنَّ:
- إعمار “الجولان” واستقرار السكان فيها برز جلياً خلال العهد الكنعاني، واستمر دون انقطاع مع حركة مد وجزر سكاني في العهود اللاحقة.
ينتمي سكان “الجولان” الأصليين إلى قبائل عربية مارست تربية الحيوانات في مراعي “الجولان” وخارجه إلى جانب تزايد أشكال متدرجة من الاستقرار الريفي في الجنوب “الجولان” إلى أن تم تهجير أهله عام 1967 بعد احتلاله..
وتعتبر مدينة القنيطرة – حالياَ – أهم مدينة في الهضبة التي تبعد 60 كيلومترا إلى الغرب من مدينة دمشق.
عرفت الهضبة تطوراً في العمران والسكن بشكل أكثر تطوراً وثباتاً في العهد العثماني منذ عام 1878، حيث سكنها آلاف المهاجرين الشركس في عدد من المواقع، وكذلك التركمان واليوروك (مجموعة من الشعوب التركية).
ترافق مع ذلك التطور الديمغرافي استقرار أعداد متزايدة من البدو فيها، خاصة في النصف الأول من القرن الـعشرين.
عقب حدوث نكبة فلسطين عام 1948، ومع وصول أفواج اللاجئين الفلسطينيين، ارتفع عدد السكان في هضبة الجولان حيث توسع العمران وامتداد المساحات المأهولة، التي باتت منطقة عسكرية لخط دفع أول تجاه الاحتلال الإسرائيلي.
طمس الحقائق وتشويهها
- أفرزت أحداث المواجهة العسكرية في التاسع من شهر حزيران 1967، أنْ سطت القوات الإسرائيلية المعادية على هضبة الجولان السوري كاملة، ولكن استطاع الجيش السوري استرجاع جزءا منها (684 كيلومتراً مربعاً) في حرب السادس من تشرين الأول 1973، لكن الاحتلال استولى عليها فيما بعد.
- كعادة هذا العدو دائماً، عمدت إسرائيل إلى عدم توثيق احتلالها ثلثي مساحة هضبة “الجولان” السورية البالغة 1800 كيلومتر مربع في الحرب وحاولت تشويه وطمس الحقائق، وخاصة حقيقة أن عدد السكان هناك كان 138 ألف نسمة تقريبا قبل الحرب.
- لم يبق من أهل “الجولان السوري” بعد التهجير سوى 6369 نسمة، فوصفت إسرائيل تهجير “الجولانيين بأنهم غادروا دون أن يُطلب منهم ذلك، إذ يبلغ عدد سكان “الجولان” اليوم نحو 27 ألف نسمة، يتوزعون بين 6 قرى مجدل شمس، ومسعدة، وبقعاتا، وعين قينية، والغجر وسحيتا.
- وكانت حصيلة تهجير إسرائيل لغالبية سكان “الجولان” الذين قطنوا 131 قرية علاوة عن 112 مزرعة خاصة، كنتيجة للقصف الجوي والمدفعي لمدة ثلاثة أيام متتالية دون توقف.
- لم يحص الاحتلال الإسرائيلي عدد السوريين الذين بقوا في “الجولان السوري”، إلا بعد شهرين من سيطرة الاحتلال على كامل المنطقة.
- خضع السوريون تحت الاحتلال إلى نظام الحكم العسكري وحظر التجول في قراهم من المساء حتى ساعات الصباح.
- قام المحتل الإسرائيلي بتحصين الطرق والمسالك بنقاط عسكريّة لمنع الأهالي الناجين من الموت الذين لجؤوا خلال المعارك إلى الحقول والتلال بالعودة إلى قراهم، حيث تم تجميعهم وطردهم إلى ما وراء خط وقف إطلاق النار.
- فيما بعد حظرت قوات العدو على هؤلاء الهائمين بلا مأوى العودة إلى 105 قرى كانت قد خلت من سكانها، وأعلن الإسرائيليون أنَّ جميع القرى والمزارع التي طرد أصحابها وأهلها منها مناطق عسكرية مغلقة، واعتبرت “قرى ومزارع متروكة”.
- وضع الاحتلال الإسرائيلي نقاطا عسكرية تغطي كامل الهضبة ومرتفعات جبل الشيخ. وكان أهمها حصن عسكري في إحدى قمم جبل الشيخ على ارتفاع 2224 مترا عن مستوى سطح البحر.
- كما أقام قاعدة عسكرية جنوب “الجولان” وفرت له عمقاً دفاعياً، وبات مصدر تهديد لدمشق عبر محور القنيطرة دمشق وكذلك عبر محاور حوران.
الموارد التي شجعت على بدء الاستيطان
بعد خمسة أسابيع من انتهاء الحرب 14/تموز 1967، قدمَت مجموعة من الشباب اليهود من سكان الكيبوتسات إلى معسكر مهجور للجيش السوري في قرية العليقة المدمرة، وأقامت فيه مخيم عمل لجمع قطعان الأبقار والمواشي المشتتة بعد أن فارقها أصحابها الجولانيين. وانتشر هؤلاء الشبان اليهود في أكثر البقاع خصباً في الجولان المحتلّة. ومنذ ذلك التاريخ تم البدء في استيطان الجولان وتأسيس أول مستوطنة وهي “مروم جولان” لتنضم إليها 33 مستوطنة، رغم صدور قرارات ومناشدات أممية لمنع تنامي سرطان الاستيطان، ولكن دون جدوى.
استخراج المياه الجوفية الجائر
بعد أشهر قليلة من احتلال الجولان السوري-آذار 1968- بدأت إسرائيل حفر مئات الآبار لاستخراج المياه الجوفية بشكل جائر ، وكشفت عن نحو مائة نبع مياه، وقامت ببناء أربعين مجمعاً مائياً وبركة اصطناعية تخزن بها نحو مائة مليون متر مكعب من مياه الأمطار والينابيع تستخدم لري المزروعات التابعة للمستوطنات، ورفدت ذلك المخزون لتغطي نسبته 30% من استهلاكها السنوي للمياه.
- أصبحت مياه الجولان الشريان الرئيسي في حياة إسرائيل بعد أن استثمرت نحو 500 ألف دونم تستعمل مراع لتربية الأبقار والمواشي التي توفر ما يقارب 50% من اللحوم للسوق الإسرائيلي ونحو 20% من الطلب على الحليب.
- كما أنها خصصت 100 ألف دونم تستغلها المستوطنات لزراعة الفواكه والخضراوات والحبوب والأزهار. أما تبقى من أراض جعلتها محميات طبيعية تستعمل للتدريبات العسكرية.
- وشيدت حتى عام 1972 أكثر من 15 مستوطنة كبيرة.
بعد انتهاء “حرب تشرين الأول 1973” بين مصر وسورية وإسرائيل، أقامت الحكومة الإسرائيلية “المجلس الإقليمي للاستيطان في “الجولان”، وهو أول مجلس للاستيطان ووضعت تحت نفوذه جميع مسطحات “الجولان” باستثناء أراضي البلدات السورية الستة.
بعد رحلات وزير الخارجية الأمريكي المكوكيَّة الأربعين إلى المنطقة عام 1974، أعاد الاحتلال لسورية مساحة 60 كيلومترا مربعا تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد، في إطار اتفاقية فك الاشتباك الذي سميّ حرب الاستنزاف.
وحتى يومنا هذا، ما يزال الدخول إلى بعض المناطق السورية المجاورة لخط الهدنة ممنوعاً لأي أحد الاقتراب منه بحسب تعليمات السلطات السورية إلا بتصريح خاص.
قرار ضم “الجولان”
أصدر الكنيست الإسرائيلي في كانون الأول 1981 قرراً بشكل أحادي يقضي بضمِّ الجزء المحتل من “الجولان”، ضارباً بعرض الحائط كل قرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي، متجاهلاً كل القرارات الأممية الصريحة.
الاستيطان الزراعي والتجاري
لعقود خلت، لم تتوقـف مساعي إسـرائيل لاستغلال الأراضي التي احتلتها، وذلك تثبيتا لسياسات الضم وترسيخا لسيادتها عليها، وللدفع نحو هذا الهدف، أعطت الأولوية لتطوير الصناعات المرتكزة على الموارد الطبيعية في المناطق المحتلة، لأن تلك الصناعات تسـتحوذ بشكل مباشر على الأرض.
تنتج المستوطنات الزراعية في “الجولان” نحو 360 مليون دولار سنوياً، موزعة على 700 منشأة زراعية، ويعمل فيها نحو 1300 عامل، بينما القطاع الصناعي لمستوطنات “الجولان” ينتج ما قيمته 330 مليون دولار، موزعة على 28 مصنعا ومعملا، وتضم نحو 890 عاملا.
السياحة الشتوية أكثر نشاطاً
شكلت حمامات المياه المعدنية في منطقة الحِمَّة بالإضافة إلى ثلوج سفوح جبل الشيخ مقصداً تمَّ تطوير مرافقه من قبل إدارة القطاع السياحي الذي جعل مردود مستوطنات “الجولان” الاستثماري يدرُّ على الخزينة الإسرائيلية 60 مليون دولار، موزعة على 227 منشأة سياحية تضم منتجعات وبيوت ضيافة، وتضم 780 عاملا، حيث يزور “الجولان السوري” سنويا مليون ونصف المليون سائح داخلي، بينما من القطاع التجاري والخدمات تنتج المستوطنات نحو 62 مليون دولار، موزعة على 190 منشأة تجارية، تضم 700 عامل.
النفط وطاقة الرياح
أدى تطوير القطاع السياحي وكذلك الزراعي في الجولان المحتل إلى مزيد من الطلب على الطاقة لتخديم هذين القطاعين. لذلك لجأت إسرائيل إلى توليد العشرات من مبادرات المشاريع المستدامة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع أنحاء إسرائيل و”الجولان السوري” المحتل.
- صادقـت الحكومـة الإسرائيلية عام 2011 على إنتاج حصة من الكهرباء، من خلال طاقة الرياح بمقدار 800 ميغاوات، وتنتج اليوم حوالي 2.5% مـن طاقـة إسـرائيل مـن مصـادر متجـددة.
- على سبيل المثال، استحدث أكثر من 26 مشروع منشأة توليد الكهرباء بطاقة الرياح عام 2017 – وما زالت قيد التطوير في البلاد – وحوالي نصف هذه المشاريع في “الجولان” وحده، حيث تم اقتراح بناء حوالي 200 توربينة رياح / 3 مزارع توربينات في “الجولان السوري”. وهي تشتمل على إنشاء أكثر من 120 توربينة فوق آلاف الدونمات مـن أراضي القرى العربية السورية الستة التي بقيت في “الجولان”.
- شرعت إسرائيل عام 2016 بالبحث عن النفط والغاز في مرتفعات “الجولان السوري”، وكانت هناك استثمارات لشركات نفطية، بتمويل من اللوبي الإسرائيلي في أميركا، للتنقيب عن النفط، حيث منحت الحكومة الإسرائيلية ترخيصا بالحفر في 850 كيلومترا مربعا، لشركة “أفيك” الإسرائيلية التابعة لشركة “جيني إنرجي” (Genie Energy).
أشارت نتائج عمليات التنقيب عن النفط في 3 مواقع تضم 10 آبار إلى أن معدل الإنتاج الفعلي للنفط قليل، وبعيد عن التوقعات بتحقيق الاكتفاء الذاتي النفطي لإسرائيل، وعلى الرغم من ذلك تواصل الشركات التنقيب.
سرطان الاستيطان
كان لتراخي حزم الإدارة الأمريكية في لجم إسرائيل عن نشر المزيد من المستوطنات، أثراً في تشجع الاحتلال الإسرائيلي على زيادة عدد المستوطنات باضطراد. حيث كشف رئيس الوزراء بينيت النقاب عن تفاصيل الخطة الاستيطانية الجديدة في 26 كانون الأول 2021 المتعلقة ببناء 3300 وحدة استيطانية في “كتسرين”، كبرى المستوطنات الإسرائيلية على أراضي “الجولان السوري” المحتل، وكذلك بناء 4 آلاف وحدة سكنية في “المجلس الإقليمي الاستيطاني -“الجولان”.
وكذلك سيتم أيضا بناء مستوطنين جديدتين في “الجولان”، هما “أسيف” و”متار”، حيث ستضم كل مستوطنة ألفي وحدة سكنية، فضلا عن مستوطنة “ترامب” التي أقرتها حكومة بنيامين نتنياهو في يونيو/حزيران 2019، وذلك بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على “الجولان” المحتل، تماشيا مع قانون الكنيست من العام 1981 .الذي أقر بضم “الجولان” للسيادة الإسرائيلية.
توسيع شبكة الطرقات
من الطبيعي أن تتلازم خطة تطوير استثمار الجولان المحتل مع مستلزمات الخطة التي تقتضي ضرورة تطوير مشاريع البنى التحتية وشبكة الطرقات والمواصلات بغية ربط مئات المستوطنات التي يعيش فيها مئات الألوف من المستوطنين القادمين حديثاً لمهاجرين صهاينة جدد، قد تم رصد حوافر اقتصادية ومنح تسهيلات لجذب مزيد للاستيطان في “الجولان”، وكذلك العمل على إزالة الألغام من آلاف الدونمات وتغيير خطط مناطق إطلاق النار والتدريبات.
وينطبق ذلك أيضاً على توسيع المستوطنات القائمة التي تحتاج إلى إنشاء أحياء استيطانية جديدة، إلى جانب الاستثمار وتطوير مشاريع تتعلق بالتعليم والسياحة والفنادق والتكنولوجية والأمن، ومشاريع أخرى تتعلق بالطاقة الشمسية وتحويل مرتفعات “الجولان” لمركز التقنيات الطاقة المتجددة مع توفير ألفي وظيفة وفرصة عمل.
القطاع العسكري والأمني
منذ تأسيس دولة إسرائيل واجهتها العديد من التحديات الأمنية المعقدة التي تطلبت استنباط خطة استراتيجية للأمن القومي تعتمد على مبادئ أساسية وضعها ديفيد بن غوريون. وقد أثبتت هذه الخطة جدواها في المناخ العربي السائد في تلك الفترة، إلا أنها -ورغم تطويرها- بينت أنها قاصرة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية لإسرائيل. وبقيت إسرائيل تواجه تغييرات اجتماعية داخلية. يسببها زيادة استقبال المهاجرين الجدد بما يتسبب حدوث عجز القدرة الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى تنامي الشعور القومي عند شعوب الدول العربية التي كسرت قواعد الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة لها المتناغمة مع حماية لإسرائيل، وكان مشهد (طوفان الأقصى) مؤخراً خير دليل على ذلك.
وختاماً لا بدَّ من التذكير، أنَّ موقف الشعوب العربية ما زال مؤمناً أنَّ المحتلَّ ما هو إلا (علّة)، والقاعدة الفقهيَّة تقول: “إذا انتفت العلَّة انتفى المعلول”. يعني ذلك أنه عندما يزول السبب (العلَّة)، لا بددَّ أن يزول (المَعلول).
انتهى الجزء الأول – قراءة في واقع الجولان اليوم، ويمكنكم الضغط لمتابعة الجزء الثاني – حرب 1967