مقدمة:
في 21 آذار/مارس 2024، نشرت الأمم المتحدة على صفحتها على الإنترنت “منظور عالمي – قصص إنسانية” مقالاً حول الأزمة السورية، أثار حفيظة المراقبين السياسيين لما يحتويه من مفارقات بين الأفعال القاصرة للأمم المتحدة حيال الأزمة السورية في الواقع وبين أدبياتها الإعلامية المزركشة بطلاوة الإنسانية!
تعريف: من هو “غير بيدرسون” الملقب “بلياردشو الأمم المتحدة على مسرح الدم السوري؟
دبلوماسي نرويجي شغل منصب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا منذ يناير 2019.ولد بيدرسون في أوسلو بالنرويج عام 1956. حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة أوسلو عام 1980. انضم بيدرسون إلى وزارة الخارجية النرويجية عام 1981 شغل مناصب مختلفة في الوزارة ، بما في ذلك سفير النرويج لدى الأمم المتحدة في نيويورك من 2002 إلى 2006. كما شغل منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان من 2007 إلى 2011. وبصفته المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا ، يعمل بيدرسون على التوسط في حل سلمي للحرب الأهلية السورية. وقد عقد محادثات مع الحكومة السورية والمعارضة السورية وكذلك مع الدول الأخرى المعنية بالصراع. في عام 2022 ، ساعد بيدرسون في تيسير تشكيل اللجنة الدستورية السورية ، وهي هيئة مكلفة بصياغة دستور جديد لسوريا. اللجنة الدستورية هي جزء من عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في سوريا.
وجاء هذا المقال يثبت أنَّ الخلل في تطبيق أهداف الأمم المتحدة أصبح يخرج عن المعايير الأساسية التي أنشئت هذه المنظمة على أساسها.
نص المقال كما ورد
أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون عن القلق إزاء مسار الأحداث في سوريا وعدم إحراز أي تقدم لعكس مسارها، منبها إلى أنه بعد 13 عاما من الصراع فإن الواقع المأساوي هو أن التطورات كلها تسير في الاتجاه الخاطئ بما في ذلك في المجالات الأمنية والإنسانية والاقتصادية والسياسية وحقوق الإنسان.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا، استمع خلاله إلى إفادتين حول التطورات السياسية والأوضاع الإنسانية من المبعوث الخاص للأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وفي إحاطته أمام المجلس أكد بيدرسون أنه لا يوجد طريق عسكري لإيجاد حلول للتحديات التي لا تعد ولا تحصى، “ولن يتمكن من تحقيق هذه الغاية سوى الحل السياسي الشامل”. وقال “بعد 13 عاما، لا يزال الصراع مستمرا”، مشيرا إلى العنف الشديد على العديد من الجبهات، وامتداده على المستوى الإقليمي.
وتطرق إلى أهمية وقف التصعيد في غزة والذي يبدأ بوقف فوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية، مشددا على أن “وقف تصعيد النزاع في سوريا نفسها هو أمر ملح بنفس القدر”.
ودعا إلى البناء على ترتيبات وقف إطلاق النار الحالية والسعي إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، فضلا عن حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وتماشي الإجراءات ضد الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن بشكل صارم مع القانون الدولي الإنساني.
مخاوف من العودة
وتحدث المبعوث الخاص إلى سوريا عن استمرار ورود تقارير مقلقة عن الاعتقالات التعسفية والاختطاف، فضلا عن التعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، في أماكن الاحتجاز في عدة أجزاء من سوريا.
وقال إن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 100 ألف شخص محتجزون تعسفيا أو مختفون قسريا أو مفقودون، منبها إلى عدم وجود أي تقدم بشأن عمليات إطلاق سراح على نطاق واسع، أو توافر معلومات حول مصير المفقودين وأماكن وجودهم، والوصول إلى جميع أماكن الاحتجاز.
وأوضح أن نصف عدد السكان قبل الحرب مازالوا يعانون من التشرد أو المنفى لأكثر من عقد من الزمن في العديد من الحالات، قائلا “إنهم لا يعودون بأعداد كبيرة، وعندما يُسألون عن السبب، فإنهم يشيرون إلى مخاوف تتعلق بالحماية وسبل العيش، ومن الواضح أنه لا يتم التعامل مع هذه المخاوف بشكل كاف”.
وأفاد أيضا بإبلاغ ناشطات في مجال حقوق المرأة في سوريا عن تزايد المضايقات والتهديدات بالعنف الجسدي. وأشار كذلك إلى أنه بعد مرور 13 عاما، لا يزال المتظاهرون يخرجون إلى الشوارع في بعض المناطق للتعبير عن المظالم التي لم تتم معالجتها، بما في ذلك هذا الشهر في شمال سوريا ودرعا.
“مزيد من التباعد”
وقال بيدرسون إن السوريين ينقسمون عبر مناطق السيطرة حيث تنشط ستة جيوش أجنبية علاوة على عدد كبير من الجهات المسلحة بالإضافة إلى الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن.
وأضاف أنه “كلما طال أمد هذا الوضع الراهن، كلما أخشى أن تنجرف المناطق المختلفة إلى مزيد من التباعد، مما يؤدي إلى تعميق التحديات التي تواجه استعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها”.
وأكد بيدرسون أن هناك قلقا عميقا بين السوريين بشأن تأثير تقسيم سوريا تحت سلطات مختلفة لمدة جيل كامل تقريبا، مضيفا “إننا نسمع مطالب قوية بوقف الأعمال العدائية وتوفير الحماية للمدنيين وتحقيق الاستقرار وتوفير سبل العيش وفرص التعليم”.
وقال المبعوث الأممي إن “المستقبل السياسي لسوريا هو الذي يقرره السوريون”، لكن الخروج من الأزمة يحتاج أيضا إلى مساهمات الجهات الدولية الفاعلة التي تلعب دورا كبيرا في سوريا اليوم، وتنازلات من جميع اللاعبين السوريين والدوليين.
وشدد بيدرسون على الحاجة إلى محادثات تحضيرية لليوم الذي يصبح فيه كل هؤلاء اللاعبين الرئيسيين على استعداد للعمل على التوصل إلى تسوية شاملة عبر مجموعة كاملة من المسارات المترابطة. وأشار إلى أن السنوات الأخيرة من الدبلوماسية تظهر أنه لا يمكن لأي جهة فاعلة أو مجموعة من الجهات الفاعلة أن تقترب بمفردها من حل هذه الأزمة.
وأضاف “كلما سارع جميع اللاعبين إلى قبول ذلك وأصبحوا مستعدين للجلوس إلى الطاولة، كان ذلك أفضل للشعب السوري المتعب الذي طالت معاناته، وكلما اقتربنا من تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
13 مليونا في حاجة للمساعدات
بدورها، قالت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، “جويس مسويا” إنه بعد مرور 13 عاما على الصراع في سوريا تتزايد الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، ولا يزال أكثر من 7 ملايين شخص نازحين من منازلهم، ويحتاج أكثر من نصف السكان أو قرابة 13 مليون شخص، إلى المساعدات الغذائية.
وقالت مسويا في إحاطتها أمام مجلس الأمن إن معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف خلال السنوات الخمس الماضية، ونتيجة لذلك، “سيحتاج أكثر من نصف مليون طفل إلى علاج منقذ للحياة من سوء التغذية الحاد هذا العام”.
وأكدت أنه “بينما تحتفل العائلات في جميع أنحاء سوريا اليوم بعيد الأم، يتم تذكيرنا بأن النساء والفتيات في جميع أنحاء البلاد ما زلن يعانين من بعض أسوأ آثار الأزمة الإنسانية”.
وقالت إن زملاءها في سوريا التقوا مؤخرا العديد من النساء اللاتي كن يحتفلن ببداية شهر رمضان في حلب، ومنهن هناء، وهي أم لخمسة أبناء والتي تعتني أيضا بخمسة أحفاد أيتام. السيدة هناء قالت لفريق الأمم المتحدة إنه مضى عام تقريبا منذ أن حصلت عائلتها على اللحوم أو الجبن، وإنها تشعر بالقلق باستمرار بشأن إرسال أحفادها إلى المدرسة ببطون خاوية.
عواقب تراجع التمويل
ولفتت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية إلى أن عددا أكبر من الناس يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في سوريا “الآن أكثر من أي وقت مضى خلال الأزمة”، منبهة إلى أنه رغم ذلك تراجع تمويل النداء الإنساني لسوريا لعام 2023 إلى مستوى قياسي منخفض، حيث حصل على أقل من 40% من التمويل المطلوب.
وأشارت إلى “العواقب مدمرة”، حيث اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض مساعداته الغذائية الطارئة ليتم تقديمها إلى مليون شخص فقط شهريا بدلا من 3 ملايين، وأن البرنامج لا يستطيع الآن سوى الوصول إلى ثلث الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وأفادت بأنه في شمال غربي سوريا، أُجبر أكثر من 30 برنامجا للتغذية العلاجية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية على الإغلاق منذ أكتوبر/تشرين الأول.
وتطرقت كذلك إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف المعيشة في سوريا، فضلا عن تخفيض الخدمات الصحية الحيوية وارتفاع أسعار الأدوية بنسبة 200% في غضون عامين.
“عدد أقلّ من الخيارات المستحيلة”
وشددت المسؤولة الأممية على أن “ندرة الموارد لا تؤدي سوى إلى تعزيز أهمية تقديم المساعدات عبر جميع الطرق المتاحة”. وأفادت بأنه بالنسبة لـ 4.2 مليون شخص محتاج في شمال غربي سوريا، تستمر الاستجابة عبر الحدود من تركيا في لعب دور لا غنى عنه.
وأكدت مسويا أن توسيع نطاق عمليات التسليم عبر خطوط التماس في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك إلى الشمال الغربي، لا يزال يمثل أولوية قصوى. ودعت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام ودون عوائق عبر جميع الطرق.
وأضافت أنهم بحاجة ماسة إلى التمويل اللازم لمواصلة المساعدات المنقذة للحياة وتوسيع نطاق التعافي المبكر.
وختمت إحاطتها بالقول “مجدداً، ندعو إلى التزام متجدد وحقيقي بحل سياسي لإنهاء الصراع، على أمل أن ينعم الشعب السوري في العام المقبل بشهر رمضان يعمه السلام، مع عدد أقل من الخيارات المستحيلة”.
*** انتهى المقال ***
خاتمة
السؤال الذي يجول في أذهان السوريين:
ما هو أسباب العطب الحاصل في مخرجات معالجة الأزمة السورية، ما دامت الوقائع المذكورة في المقال تبين مفاتيح الحل الذي على الأمم المتحدة أنْ تفرضه بوسائلها المختلفة، إما عن طريق مجلس الأمن -وإنْ فشل بالفيتو -، يكون أنْ يأتي عن طريق الجمعية العامة. وهكذا سيكون الحل ناجعاً ومنصفاً لتخليص السوريين من تغوّل النظام في قتل السوريين وتدمير البلاد.
ولا يسعنا سوى القول: لقد هَزُلت .. حقاً.
وأنَّ المباركة للسوريين بشهر رمضان زائفة وغير مقبولة، لأنكم تكذبون على الشعوب التي تموت، وأنتم تشاركون في جنازات شهدائنا فقط.