استهلال
منذ قرابة عامين، أتيحت لي فرصة ذات قيمة مضافة، لمّا التقيت بكوكبة من الإعلاميين الذين يناصرون حق الشعوب في التخلص من الاستبداد والرضوخ عبيداً للطغاة. كانوا أطيافاً من أمم مختلفة مثل إيطاليا واليونان وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وأمريكا الجنوبية إلى جانب فريق من نطاسِيي الإعلام السوريين.
كانت صاحبة الجلالة “السلطة الرابعة” قد أوكلت لهذه الكوكبة مهمة إطلاق منصة إعلامية بلا حدود عنوانها “SYRIAWISE.COM” تُعنى بإيصال حقيقة الواقع السوري -بأبعاده الإيجابية والسلبية- إلى المجتمعات الغربية التي تتابع الصحافة باللغة الإنكليزية، وكذلك تساهم في تعميم المعرفة والتوعية والتنوير لتشكيل الرأي الفردي، وتوجيه الرأي العام، والإفصاح عن المعلومات الخفيّة، ومتابعة القضايا المتعلقة بالشأن السوري.
انطلقت SYRIAWISE وهي تلتزم بالنزاهة والحقيقة والدقة مع الحفاظ على أعلى مستوى من معايير الصحافة المثلى مما يوفر طرح المعلومات الدقيقة بطريقة شفافة بعيدة عن الأجندات الخفيَّة، ودون أي انتماء سياسي أو أيدولوجي. كما أنها لا ترتبط مع أي جهات راعية حفاظاً على حيادية محتواها، لكونها منظمة غير ربحية مقرها في مانشستر، ميشيغان، الولايات المتحدة الأمريكية، مسجلة في إدارة التراخيص والشؤون التنظيمية وفقًا لأحكام القانون 162، القوانين العامة لعام 1982 باعتبارها منفذًا إعلاميًا عبر الإنترنت يهدف إلى أن يكون منصة يسهل الوصول إليها للمشاركة في أخبار وآراء حول سوريا.
ولأني كنت منذ مقتبل العمر متورطاً في أنْ أكون تحت لواء السلطة الرابعة، قَفزتُ فوق فرسي لألجُم جماحها فلم أستطع، ووجدت أنها بقفزة واحدة فوق الحواجز، أصبَحتْ داخل مضمار الإعلام السيبراني الذي يغطي سماء المعمورة. عندها تأكدت -وللمرة الأولى- أنَّ هناك ظروفاً تجعل الموجبَ يتجاذبُ مع الموجبِ أيضاً، وليس فقط مع السالب كما نعرفه في قانون المغناطيسية.
في الحقيقة، تمت السيطرة على الفارس وفرسِه، وباتت أهوائي مرتبطة بقواعد مضمار صاحبة الجلالة. ومنذ ذلك اليوم وضعت سبابتي على زناد قلمي، وأحكمت شَكمَ لجَام فرسي، وبدأت أنخس بطنها بمهمازي كي تجاري عَدوَ أقراني المتدافعين من حولي للوصول إلى من ينتظر قراءة حقيقة الواقع السوري باللغة الإنكليزية.
واليوم، راق لي أن أترجم لكم مقالة تمَّ نشرها في المنصة بمناسبة قدوم العام الجديد 2024، تتضمن آهات حناجر السوريين الذن يتألمون وهم على حافة الهاوية الاقتصادية، بعد أن امتلأت براري سورية بخيام المشدين ممن دُمرت بيوتهم وأرزاقهم، وأضحى عليهم أن يكملوا معيشتهم في تحديات الموت قصفاً بالبراميل أو جوعاً وهم تحت خط الفقر.
عنوان المقال
سوريا على حافة عام جديد كئيب آخر
اقتراب عام 2023 من نهايته، لا تزال المعاناة الاقتصادية في سوريا قائمةً، تلقي بظلالِ عَدم اليقين بآتيات العام الجديد. وعلى الرغم من التفاخر العلني من قبل رأس النظام السوري “بشار الأسد” ورفاقه بأن كل شيء على ما يرام، إلا أن التدهور المستمر للاقتصاد السوري لم يتوقف، تاركًا الغالبية العظمى من المواطنين السوريين يتصارعون مع واقع الحياة القاسي تحت خط الفقر.
التحديات التي واجهتها سوريا طوال هذا العام ليست جديدة، إذ أنها لا تزال تعكس تحديات السنوات السابقة، لكن الصورة التي ترسمها للسوريين حول احتمالات حدوث أي تغييرات إيجابية، تصبح -اليوم – أكثر قتامةً مع كل عامٍ يمرّ.
على عكس الأجواء الاحتفالية في الأيام الخوالي التي لا تزال تغلف معظم العالم خلال موسم عيد الميلاد، أصبحت روح الاحتفال داخل سوريا مجرد ضحية أخرى لقسوة النظام مع ازدياد لا مبالاته بمعاناة شعبه.
ومع بقاء أيام قليلة فقط على نهاية عام 2023، فإن الشعور السائد بين السوريين الذين لا يزالون يعيشون في وطنهم هو اليأس، حيث تستهلك أفكار الهجرة واللجوء إلى أماكن أخرى أفكارهم الجماعيَّة.
اليوم، على عكس الأجواء الاحتفالية في الأيام الخوالي التي لا تزال تغلف معظم العالم خلال موسم عيد الميلاد، أصبحت روح الاحتفال داخل سوريا مجرد ضحية أخرى لقسوة النظام ولامبالاته بمعاناة شعبه. بالإضافة إلى ذلك، فقد تلاشى بلاء سوريا للأسف من دائرة الضوء الإعلامية العالمية حيث تصدرت قضايا أخرى المشهد الدولي.
حتى هذا البصيص من الأمل في بداية جديدة في عام 2024، يُخيّم عليه واقع قاسٍ عليه، وهم واقفون على أعتاب عام جديد آخر، فإن الشغل الشاغل لكثير من السوريين ليس توقّع مؤشرات إيجابية لمستقبل أكثر إشراقا داخل وطنهم، وبدلاً من ذلك، فإنَّ الرغبة الكبيرة لدى الكثيرين هي الهروب من الاضطراب الاقتصادي والبحث عن عزاء في مكان آخر!
لكن حتى هذا البصيص من الأمل في بداية جديدة في عام 2024 يخيم عليه واقع قاسٍ هو أنَّه في حين تبدو مغادرة البلاد هي الخيار الوحيد للحصول على حياة أفضل من ناحية، إلا أنه يكاد أنِ يكونَ تحقيقه بالنسبة لمعظم الناس من المستحيلات من ناحية أخرى.
يبقى التطلع إلى حياة أفضل، بعيدًا عن الصعوبات الاقتصادية التي أصبحت كفاحًا يوميًا للغالبية العظمى من السوريين، مجرد موضوع مؤثر على النقيض الصارخ للتفاؤل العالمي المرتبط ببداية جديدة في بداية عام جديد، يجد الشعب السوري نفسه يتوق حتى إلى إمكانية حدوث تغيير يتجاوز حدود سوريا، وكذلك متوقع في كل تقويم سنوي -أيضاً- للأسف، ومن المحزن أن حلم حياة أفضل بعيدة عن المصاعب الاقتصادية التي أصبحت صراعاً يومياً لغالبية السوريين، لا يزال مجرد أمنية مؤلمة بينما بقية العالم يستقبل عام 2024 بكل ما يحمله من وعود.
**** انتهى المقال****
خلاصة القول
آمل أن تكون هذه الإضاءة على منصة “SYRIAWISE.COM” محفزة لمتابعة محتواها الذي يفيد في إيصال إرهاصات الأزمة السورية للعالم الغربي الذي يجب مخاطبته بأسلوب يتوائم مع آلية مداركه الثقافية بشكل رصين بدلاً من إغراقه بمحتوى يُجانب مناقبية حضارتنا، وبعيداً عن الإسفاف والمثالب.