استهلال
في ظل الأحداث الطارئة التي شهدتها سوريا منذ عام 2011، تعرضت البنية التحتية والمرافق العامة لأضرار جسيمة نتيجة تدمير النظام بشكل عشوائي الذي طال معظم الأراضي السورية، بما في ذلك شبكات الكهرباء التي تعد حيوية لاستمرارية الحياة والنشاط الاقتصادي. وقد انتشرت ظاهرة سرقة الأعمدة الكابلات الكهربائية حتى أصبحت مشكلة شائعة ومستمرة في السنوات الأخيرة.
يتناول هذا المقال بعض التفاصيل عن الأضرار التي تعرضت لها العديد من المحطات الكهربائية والشبكات الكهربائية بشكل كبير نتيجة للقتال المستمر والتدمير المتعمد، ومنها انتشار ظاهرة سرقة بنى الشبكات الناقلة للطاقة الكهربائية عبر الكابلات الكهربائية. وقد تفاقمت هذه الظاهرة بشكل متزايد، حيث يقوم بعض الأفراد والجماعات المنظمة بنزع الكابلات وبيعها في السوق السوداء لاستخدامها في زيادة السيولة النقدية لأغراض شخصية أو لصناعة الأسلحة.
بيانات رسمية
جاء في إعلان وزارة الداخلية منذ خمسة أيام، أنَّ فرع الأمن الجنائي بريف دمشق قد تمكن بالقبض على عصابة سرقة مؤلفة من 37 شخصاً أقدموا على سرقة “الكبلات” الكهربائية الواصلة بين محطة دير علي ومحطة عدرا على امتداد 36 كم.
وأشارت الوزارة في منشور لها عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك أنه تم استرداد أكثر من ثلاثين طناً من الكابلات المسروقة، وتم التحرز على خمس وأربعين طناً من مادة الأعلاف ضمن إحدى المركبات التي تم استخدامها بسرقة هذه الكابلات.
وكانت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في دمشق، قد أعلنت في 19 آذار الحالي عن قيام لصوص مجهولين لقبتهم ب(لصوص الظلام)، بالإعتداء على خط توتر عالي “الدير علي/عدرا” 400 kva، غرب محطة تشرين الحرارية وسرقة الكابلات الهوائية بطول 36 كم المصنوعة من الألمنيوم والفولاذ، إضافة إلى تكسير عوازل وسرقة متممات السلاسل الحاملة للنواقل في الأبراج لأكثر من 15 فتحة.
وقد اعتبرت هذه الحادثة بأنها أكبر حوادث التعدي على شبكات الكهرباء التي سبقتها. وذلك لأنَّ حجم المسروقات يحتاج إلى جيش من اللصوص والمعدات والسيارات. وهذا وضع السلطات أمام لغز لا بدَّ من أنْ يحل قريباً ما لم يتم التحفظ عليه (لسرية التحقيق).
تفاصيل السرقة اللغز
المكان:
.خط التوتر العالي بين محطة الدير علي ومحطة عدرا (بطول ٣٦ كم).
الوصف:
-
-
.سرقة كابلات التوتر العالي الكهربائية بطول ٣٦ كم تقدر تكلفتها بحوالي 8 مليارات ليرة.
-
يبلغ وزن كل متر من هذه الكابلات 2.3 كغ وسعر الكيلو الواحد 147 ألف ليرة.
-
الوزن الإجمالي للمسروقات حوالي 496 طن من الألمنيوم والفولاذ.
-
سرقة هذه الكمية تحتاج لتنفيذها الى عشرات العمال المتخصصين و روافع ضخمة وشاحنات لنقلها مما يتطلب أسابيع أو شهور لتنفيذها.
-
السؤال الذي يفرض نفسه، أين موظفي الكهرباء وعناصر الأجهزة الأمنية والمخبرين والحواجز المنتشرة على كل الشوارع والطرق؟ وهل هم كانوا شركاء في هذه السرقة؟
الآثار:
-
-
انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في ريف دمشق.
-
شلّ حركة العمل في العديد من المنشآت والمصانع.
-
إلحاق أضرار كبيرة بالشبكة الكهربائية.
-
التحقيقات
-
-
فتحت الجهات المختصة تحقيقات لكشف الفاعلين.
-
تم تشكيل لجنة من وزارة الكهرباء لتقييم الأضرار وإصلاح الأعطال.
-
التدابير
-
-
تم تشديد الحراسة على خطوط التوتر العالي لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
-
تعمل وزارة الكهرباء على تأمين التغذية الكهربائية للمناطق المتضررة من خلال خطوط بديلة.
-
التأثير على المواطنين
-
-
عانى المواطنون من انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.
-
واجهوا صعوبات في تأمين احتياجاتهم اليومية.
-
عبّروا عن استيائهم من تكرار مثل هذه الحوادث.
-
أكبر السرقات، ولكن ليست الوحيدة
لم تكن سرقة الكابلات الكهربائية في هذا التاريخ هي الوحيدة، بل شهدت هاتان المنطقتان -بالذات- سلسلة من عمليات السرقة والتخريب التي أثرت بشكل كبير على إمدادات الكهرباء في المنطقة. ويعود ذلك جزئيًا إلى الوضع الأمني المتدهور وصعوبة تأمين هذه المناطق، مما يجعلها هدفًا سهلاً للمجرمين.
حوادث مماثلة جرت سابقاً
-
-
سرقة كابلات من خط التوتر العالي في حمص (2022):
-
-
-
-
- تعرض خط التوتر العالي في حمص لعملية سرقة طالت 300 متر من كابلات التوتر العالي.
- أدت السرقة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أحياء في مدينة حمص.
- ألقت الجهات المختصة القبض على عصابة متورطة في السرقة.
-
-
-
-
سرقة كابلات من خط التوتر العالي في حلب (2021):
-
-
-
-
- تعرض خط التوتر العالي في حلب لعملية سرقة طالت 100 متر من كابلات التوتر العالي.
- أدت السرقة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أحياء في مدينة حلب.
- لم يتم الكشف عن الفاعلين حتى الآن.
-
-
-
-
سرقة كابلات من خط التوتر العالي في دير الزور (2020):
-
-
-
-
- تعرض خط التوتر العالي في دير الزور لعملية سرقة طالت 500 متر من كابلات التوتر العالي.
- أدت السرقة إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في دير الزور.
- ألقت الجهات المختصة القبض على بعض المتورطين في السرقة.
-
-
-
-
سرقة كابلات من خطوط الكهرباء في مناطق متفرقة من سوريا (2019):
-
-
-
-
- تكررت عمليات سرقة كابلات الكهرباء من خطوط التوتر العالي والمتوسط والمنخفض في مناطق متفرقة من سوريا.
- أدت هذه السرقات إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة وزيادة ساعات التقنين.
- لم تتمكن الجهات المختصة من ضبط جميع المتورطين في هذه السرقات.
-
-
-
-
سرقة كابلات من خطوط الكهرباء في ريف دمشق (2018):
-
-
-
-
- تعرضت خطوط الكهرباء في ريف دمشق لعمليات سرقة متكررة طالت كابلات التوتر العالي والمتوسط والمنخفض.
- أدت هذه السرقات إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في ريف دمشق.
- ألقت الجهات المختصة القبض على بعض المتورطين في هذه السرقات.
-
-
الآثار العامة لهذه الحوادث
-
- انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة.
- شلّ حركة العمل في العديد من المنشآت والمصانع.
- إلحاق أضرار كبيرة بالشبكة الكهربائية.
- زيادة ساعات التقنين الكهربائي.
- إعاقة جهود إعادة الإعمار.
الأسباب وراء هذه الحوادث
-
- الفوضى الأمنية في بعض المناطق.
- ضعف الرقابة على خطوط الكهرباء.
- انتشار الفقر والبطالة.
- رغبة بعض الأشخاص في الحصول على المال بطرق غير قانونية.
وتُجمع آراء المتابعين لهذه الأحداث أنّ فساد الطغمة الحاكمة هو النواة التي نبتت منها هذه الظاهرة.
تفشي ظاهرة سرقة الأصول السورية
تعتبر السرقة منطلقاً مزعجاً لعدة أسباب، فضلاً عن تأثيرها السلبي على مجمل الفعاليات المجتمعية وخاصة الاقتصادية، ومنها إمدادات الكهرباء واستقرار البنية التحتية، فإنها تؤدي أيضًا إلى خسائر مالية كبيرة تضر بالاقتصاد وتعيق عمليات الإعمار والتنمية. بالإضافة إلى ذلك، تزيد من أخطار التشويش على خدمات الطوارئ وتعرض حياة المدنيين للخطر.
الحلّ الوحيد “الكَيّ”
من العبث أن نستجدي -من الواقع الحالي- أية حلول جذرية لهذه المشاكل طالما بقي نظام الأسد متربعاً على كرسي الحكم في سورية أجل مواجهة هذه المشكلة. وتيمناً بالمثل القائل:
“آخرُ الطبِّ عند العرَبِ الكَيّ”
لذا يتوجب التَمسُّك باسئصال هذا النظام وكيِّ جذوره.
ولكنْ، ريثما تأتي فرصة انتصار الثورة السورية، يجب على الشرفاء المتبقين بين أعضاء الحكومة السورية والجهات المدنية المؤمنة بثوابت الثورة في الداخل، السعي لاتخاذ إجراءات صارمة لحماية شبكات الكهرباء وتأمين المناطق الحيوية. ينبغي على جميع أفراد الشعب في الداخل تكثيف الجهود الأمنية لمراقبة المناطق المستهدفة التي يعيشون فيها، وتوفير الحماية للبنية التحتية الحيوية. علاوة على ذلك، يمكن اتخاذ إجراءات تعزيزية مثل تشجيع التوعية المجتمعية لدى أفراد المجتمع بأهمية الحفاظ على البنى التحتية العامة، لكونها بُنيت من أموال السوريين تاريخياً.
الختام
يظهر لنا الواقع الصعب الذي يواجهه الشعب السوري بسبب الأزمة الطويلة التي يمر بها بلدهم. لكن على الرغم من التحديات الضخمة التي تواجههم، فإن هناك بصيصًا من الأمل ينبعث من تضحياتهم وصمودهم.
إن انتصار ثورة الشعب السوري لا بدَّ وأن تؤتي أُكُلها قريبًا، وهو ما يستدعي التفاؤل والإيمان بقدرة الشعب السوري على تحقيق التغيير وبناء مستقبل أفضل. ولذلك، يجب على السوريين أن يستمروا في التمسك بثوابتهم الوطنية، والعمل بجَدٍّ لتحقيق انتصار ثورتهم من أجل حياة أفضل ومستقبل مزدهر.
من أجل ذلك، يجب على السوريين تشديد المحافظة على أصول المؤسسات الحكومية، لأنها ملك للشعب اليوم وفي المستقبل. يجب أن يكون لدى السوريين الوعي بأهمية الحفاظ على البنى التحتية والمؤسسات العامة، لأنها أساس تحقيق التنمية والاستقرار في البلاد.
لن تكون الرحلة سهلة، ولكنَّ التضحية والإصرار والتعاون المشترك، يُمَكّن السوريين من تحقيق النصر، وبناء مستقبل مشرق لبلدهم. إن الأمل موجود دائماً، ولن يضيع بحول الله وقدرته.