استهلال
في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، عندما تعذّر عليَّ الحصول على ترخيص مجلة علمية تعنى بالطب التجميلي في بلدي، حصلت على امتياز ين لإصدارها من قبرص ومن لبنان، وكانت ورشة التحرير والطباعة في بيروت. وانتقيت ثلاثة عشر من الإعلاميين الممارسين والتقنيين للعمل معي، وفي اجتماعنا أول مرة تداولت معهم هدفي من إصدار هذه المطبوعة، وقد عَرَجْتُ في حواري على مفهومي الخاص للإعلام الذي أبغي تقديمه للقراء، وكيف يؤثر الإعلام على تشكيل وعي المجتمع عندما تتم صياغة المحتوى بتقنية الديناميكية الكمومية، التي تخلق للإعلام جناحان يحلقان في الفضاء السايبراني خارج الزمان والمكان.
وعندما لاحظت أنَّ الفريق الإعلامي أصابهم حالة من الدهشة والصدمة، عدت لأكرر ما قلته مستفيضاً في شرح دقيق لعلاقة ميكانيكا الكم، بالضروريات العقلية للقراء.
كانت دهشتهم تفسرها مقولة العالم نيلز بور الحائز على جائزة نوبل 1922:
أي شخص لم تصدمه ميكانيكا الكم لم يفهمها بعد!
الإعلام يتحرك وفق قوانين الطبيعة الفيزيائية
حتى نهاية القرن التاسع عشر، كان علم الفيزياء يسير بشكل عام على نهج وفلسفة إسحاق نيوتن. فقد كانت آلية عمل قوانين الطبيعة الفيزياء مفهومة جيداً، فالسببية والحتمية مكنونتان في صُلب قوانين الطبيعة. وكل ما نحتاجه لمعرفة حالة الكون المستقبلية هو معرفة شروطه الحالية فقط. وهذه المعرفة ما هي إلا استنارة يوصلها الإعلام إلينا بوسائله المختلفة. وعلينا أن نأخذ في الحسبان جميع التأثيرات الخارجية.
عندما نقرأ خبراً عن أي حدث – مثلاً سياسي المضمون- يجب علينا أن نضعه في سياقه الزمني (أي أنه حدث منذ ساعات -الزمان- وأنه وقع في سورية -المكان-)، وقد وصل إلينا عن طريق مصدر إخباري موثوق. البسطاء – وهم قلة -من البشر يكتفون اشبع هذا الإخبار غريزة الفضول لديهم، أما معظم البشر يقومون بربط هذا الخير بسياق الأحداث التي تسببت في حدوثه، ويستشرفون مآل الحدث وتداعياته من أسلوب صياغة هذا الخبر ومحاكاة مضمونه باستعمال غريزة المعرفة مع غريزة الفضول، وعندها يكون محتوى الخبر قد حقق وظيفة نسميها الإعلام وليس مجرد إخبار فقط. وبمعنى أوسع شمولية، يمكننا الإعلام ، من حيث المبدأ الذي تفسره نظريات وفرضيات فيزياء الكم، أنْ نعي “كمومياً” كيف ستكون صورة الكون المستقبلية ماثلة أمام أعيننا، تماماً كالماضي! لأنَّ التاريخ يعيد نفسه بما يتناسب مع الزمان والمكان (الزمكان). وقد أكد العالم الفرنسي بيير سيمون لابلاس ذلك بقوله:
"يجب أن ننظر إذن، إلى الحالة الراهنة للكون كنتيجة لحالته السابقة وكسبب لحالته اللاحقة.
فلو أن عقلاً يمكنه أن يعرف، في لحظة من اللحظات، جميع القوى التي تحرِّك الطبيعة، وكل الأوضاع المتتالية التي تتخذها فيها الكائنات التي تتألَّف منها الطبيعة، ولو أن هذا العقل نفسه هو من الاتساع والشمول بحيث يمكنه أن يخضع هذه المعطيات للتحليل، فإنه سيكون قادراً على أن يعرف التحولات الحاصلة في الكون وحركات أصغر الأمور وأدقها، ولا شيء يكون بالنسبة إلى هذا العقل موضع شك. إن الماضي والمستقبل سيكونان حاضرين أمام عينيه".
الإعلام يخلق الوعي الجمعي الكمومي في أدمغتنا
لابدَّ هنا من مداخلة طبيَّة لنفهم كيف يتشكل لدى الإنسان الوعي الجمعي الكمومي.
تتألف أدمغتنا من مليارات الخلايا العصبية، و نشاطها يولد الوعي، حيث تحتوي كل خلية عصبية على مكونات بروتينية تعرف باسم “الأنيبيبات الدقيقة” (Microtubules)، ووظيفتها أنْ تنقل المواد إلى أجزاء مختلفة من الخلية العصبية كي تُشكَّل على هيئة “أنماط كسيرية” (Fractal pattern) تتيح حدوث العمليات الكمومية، وهذه آلية خلق الوعي الكمومي. وتتكرر الأنماط الكسيرية في الطبيعة وكذلك داخل أجسامنا بشكل لا متناه تسمح للعمليات المعقدة بالظهور. مما قد يفسر ألغاز أدمغتنا المعقدة.
الإعلام وعودة تاريخ الحروب
في العقد الماضي انطلقت الاحتجاجات في سورية ضد استبداد النظام الحاكم، وتحوّلت أحداثها دراماتيكياً لتصبح حرباً لم تكن أهلية داخلية، بل ثورة على استبداد الحاكم الطاغية وصراعاً إقليمياً لدول استغلت هذه الثورة لتحقيق ما لديها من مطامع عميقة الجذور تاريخياً.
خلال سنوات هذه الحرب أقدمت روسيا بغزو حرب أوكرانيا تبعتها العدو الإسرائيلي بتنفيذ أبشع وأكبر حرب إبادة جماعية في غزة بفلسطين المحتلة. وفي خضم هذه الحروب الجسيمة، انتشر معظم الإعلاميين في المعمورة كي نقلوا أهوال الحرب وتفاصيلها ومآلات أحداثها، واستشرت هذه الظاهرة الإعلامية النشيطة كل المنابر الإعلامية لقادة العالم وخبراء الاقتصاد والتكنولوجيا العسكرية وسواهم كرديفٍ للإعلاميين المهنيين لتغطية أنباء وأخبار الأحداث كي يشكلوا الوعي المجتمعي الكمومي.
وبات جلياً أنَّ الإعلام الذي تحوّل إلى سلاح يشارك في الكرّ والفرّ في المعارك، ولم يعد فقط كوسائط ووسائل تبليغ من شخص إلى آخر “الاتصال الشخصي”، أو تبادل المعلومات بين جماعات منظمة – أي “الاتصال الجمعي” أو كما عرفه سابقاً توماس جيفرسون”Thomas Jefferson” بأنه:
"الطريقة المناسبة لمنع اللبس وسوء الفهم عند الجماهير التي تزودهم بالمعلومات الكافية التي تعالج شؤونهم وأحوالهم عن طريق مختلف وسائل الإعلام الذي ينساب إلى الشعب ليلعب دوراً هاماً في التخفيف من الأعباء والضغوط اليومية التي يتعرض لها الأفراد، بل له دور هام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية بالإعلان عن المنتجات والخدمات".
كما يذهب آخرون للقول أنَّ وظيفة الإعلام هي الركن الأساسي في ترسيخ الديمقراطية لكونه يمتلك قدرة ذاتيَّة تعزز انتشار الاستنارة المعرفية الشاملة بين المجتمعات المتقدمة.
الإعلام وخاصية التحوّر
في أواخر الستينيات من القرن الماضي بدأت ظاهرة التحوّر تصيب كيان الإعلام نتيجة تعاظم التطور في مجال التكنولوجيا الرقمية، حيث زاد الاهتمام بعلوم المعلومات ونظريات الإعلام ونظم الاتصال ووسائله، وظهر الاتصال السياسي والاتصال العالمي والاتصال بين الحضارات على نحو خطاب مباشر (الأداء الشفهي، والإلقاء، والمناظرة) بالتوازي مع الصحافة، ووسائل الاتصال الجماهيرية والإعلان. ونشهد بين حين وآخر أنماطاً أخرى من العمليات الأكثر تطوراً واكتمالاً كي تسود صيغة ” المصدر – الرسالة – المستقبل”.
الإعلام قوَّة خارقة
في الواقع يمكن القول أنَّ الإعلام أصبح أكثر فعالية – اليوم – في حياة الناس وتحريك وعيهم الجمعي الكمومي للخروج للشارع تنادي بالشعارات الإنسانية التي تُجرّم قادة العالم الذين شاركوا المعتدي في جرائمه الشنيعة، حتى وصلت مطالب الشعوب لمحاكمة أهم رؤساء العالم كمجرمي حرب.
من أين تأتي قوة الإعلام؟
للإجابة على هذا السؤال، يجب أنْ نتعرض إلى شرح مفهوم الإعلام.
لقد عجزت الدراسات التاريخية في محاولة وضع مفاهيم وتعريفات أساسية لمفهوم الإعلام، وبدأت منذ الحرب العالمية الأولى “1914م – 1918م” تبرز بعض المسميات وكان أشهرها لفظة “الصحافة” وأطلق عليها لقب ” صاحبة الجلالة ” و “السلطة الرابعة”، ثم تطورت هذه المسميات لتصبح “الإعلام- الاتصال التقليدي – الاتصال بالجماهير – الدعاية – النشاط الدعائي”. هذا بخلاف مصطلحات أخرى رديفة “الإعلان والعلاقات العامة والرأي العام”.
إعلام الثورة السورية أنموذجاً
لنأخذ مثالاً على المراحل التاريخية التي أدت إلى تطوّر الإعلام في سورية ليشكل الوعي الجمعي الكمومي الراهن.
مرَّ الإعلام السوري بمراحل لم تكن حركة تطوره ثابتة أبدًا، باستثناء فترات قصيرة انتهت سريعًا بسبب التغيرات السياسية في بنية الحوكمة المتقلبة. ولكن رغم ذلك كانت من أوائل الدول العربية التي لاقت فيها “الصحافة” نشاطًا واسعًا، استطاع فيها أن يكون المحرّك الرئيسي لكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية.
ومن هذه المراحل:
- صحافة الحناجر في سوريَّة : ففي وقت مبكر جداً، أدركت السلطات الحاكمة الحاجة إلى وسيلة لإبلاغ قراراتها إلى عامة الناس، وقام ما يسمى بـ”المنادي” بهذه المهمة، ففي المدن الكبرى (دمشق وحمص وحلب واللاذقية) كان المنادي يحمل طبلةّ، يتجول على الأقدام في الساحات والأسواق، منادياً بين الناس ليبلغهم بأخبار الحكام وتعليماتهم، ويزف لهم انتصار جيش البلاد، الدعوة للتعبئة والتجنيد، أو تخفيض الضرائب، أو يدعوهم لمراكز توزيع الطعام تكريماً بمناسبات الأعياد.
- انتشار الإسلام في بلاد الشام، أدى إلى شيوع بناء مآذن للمساجد، حيث بات خطيب الجامع يقوم بالمناداة من مئذنة الجامع التي ليصل صوته إلى مدى أبعد.
- وفي أواخر الحكم العثماني بحوالي 150 سنة، عرَفَت هذه المدن أداةً مبتكرةً تجمع الوظيفتين معاً، وظيفة تبليغ القرارات ونشر الأخبار الرسمية، ووظيفة الترويج والدعاية، وهي “الجريدة” المطبوعة.
- إطلاق أول (جريدة) صحيفة سوريَّة عام 1865م واسمها “سوريَّة”، تصدر كل يوم خميس باللغة التركية تنشر على وجه صفحتها الأولى، واللغة العربية على وجه آخر منها. وكانت تحاول إلى بث الروح الوطنية السوريَّة بتورية ذكية سراً، بهدف إحياء اللغة العربية وآدابها، وتنقل أخباراً النشاطات السياسية والاقتصادية والأحداث المحلية في دمشق وحمص وحماة ودرعا. ومن الرواد الذين خاضوا معاركهم السياسية والفكرية والاجتماعية على صفحاتها (ناصيف اليازجي وبطرس البستاني وعبد الرحمن الكواكبي وأحمد فارس شدياق ورزق الله حسون وفرنسيس مرّاش…).
- أول صحافية دخلت عالم الإعلام هي السيدة الحلبية مريانا مراش بعد خمس سنوات على صدور أول صحيفة.
- بنهاية الحكم العثماني ودخول الجيش العربي إلى دمشق عام 1918، عاشت الصحافة في سوريَّة نهضة كبيرة، كماً ونوعاً.
-
- أول صحيفة في ظل الحكم العربي هي “الاستقلال العربي”
- تبعها في اليوم التالي “جريدة العرب”،
- وبلغ مجموع الصحف التي صدرت في سوريَّة خلال عام واحد 10 جرائد، 5 منها في دمشق و3 في حلب وواحدة في حمص وأخرى في حماة.
-
تواصلت الثورة الصحفية في كل المدن السوريَّة، وبلغ مجموع الجرائد والمجلات الصادرة خلال عامين، 42 جريدة، و13مجلة. وبذلك بات في سوريَّة 55 دورية بين جريدة ومجلة، وهو رقم لم تعرفه الصحافة السوريَّة في أي وقت.
- في عهد الانتداب الفرنسي كانت افتتاحيات جريدة “المقتبس” التي عدت أولى الصحف السوريَّة المدافعة عن حرية الصحافة. فقد وجدت في أعداد “المقتبس” عام 1926 مساحات بيضاء كثيرة بسبب تضييق الرقابة على هذه الصحيفة.
- بعد استقلال سوريَّة عام 1946 انتشرت ظاهرة الصحف الحزبية، مثل جريدة “التحرير العربي” وجريدة “البعث”، لسان حال حزب البعث العربي الاشتراكي. وصدر قانون لتنظيم الصحافة عام 1949، تم تجميد العمل به عدة مرات من قبل زعماء الانقلابات العسكرية المتتالية. وباتت الحريات الممنوحة للصحف معياراً لمدى احترام العهود المتعاقبة لحقوق الإنسان في سوريَّة.
- في شباط عام 1947 بثّت إذاعة دمشق لأول مرة بصوت الأمير يحيى الشهابي معلنًا “هنا دمشق” لتكون ثاني إذاعة تأسست في الوطن العربي بعد إذاعة “صوت العرب” في القاهرة.
- عام 1949،صدر قانون المطبوعات الذي ألغى التشريع الإعلامي المطبق خلال فترة الانتداب الفرنسي الذي كانت سمته الأساسية القمع وإصدار القرارات المتلاحقة لتعطيل الصحف ومصادرتها. وبموجب هذا القانون، تمَّ إلغاء الكثير من القيود على حرية إصدار وتملّك الصحف المستقلة والحزبية، وبلغ عدد المطبوعات في سوريَّة رقمًا قياسيًا حينها وصل إلى 52 مطبوعة متنوعة.
- في عهد الوحدة بين سوريَّة ومصر عام 1958، قام عبد الناصر بمنع صدور معظم الصحف السوريَّة التي كانت تنتقد سياسته الداخلية. وأهم تلك المطبوعات جريدة “المضحك المبكي”.
- عام 1960، بدأ الإعلام المرئي يُبثُ لأول مرة من دمشق بالتزامن مع شقيقه التلفزيون المصري، فقد انطلقا معاً في زمن الوحدة بين مصر وسورية في يوم واحد. ولكنَّ جمال عبد الناصر لم يسمح سورية سوى استيراد 250 جهاز تلفزة بعد أن قدمت له أجهزة الأمن ثبتاً بأنَّ عدد العائلات البورجوازية في دمشق 250 عائلة، حيث أراد السيطرة على وعيهم الجمعي وغسيل أدمغتهم بما يتوافق مع سياسته القومية، وتم اختيار العائلات البورجوازية بالقرعة المزورة، كي تدخل بيوتهم أجهزة التلفاز. (المصدر د. فخري الدباغ).
- في عهد الانفصال الذي امتد من عام 1961 إلى عام 1963 حاولت السلطة الجديدة منح حرية أوسع للصحافة وأن تُعيد الملكية الخاصة للصحف مع احتفاظها بالإذاعة والتلفاز من أجل توجيه الإعلام من خلال هاتين الوسيلتين. وتمَّ إنشاء أول وزارة للإعلام في تاريخ البلاد، إذ كانت مهمتها كما ورد في المادة الثانية “استخدام جميع وسائل الإعلام لتنوير الرأي العام وترسيخ الاتجاهات القومية العربية في البلاد ودعم الصلات مع الدول العربية والدول الصديقة وفقًا لسياسة الدولة. تنص المادة 38 الدستور السوري:
"لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنيّة بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى"
- في آذار 1963 وصل حزب البعث لسدة الحكم، وبدأ التضييق على الصحافة وإيقاف جميع الصحف في سوريَّة ما عدا صحيفة “البعث” وأتبعته بمرسوم امتيازات الصحف والمطبوعات الدورية وختم أماكن طباعتها، كما تم إحداث “مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر” وصدر عن هذه المؤسسة جريدة الثورة شبه الرسمية
- وفي 1970 عند وصول حافظ الأسد إلى الحكم، لم يبق في سوريَّة سوى صحف النظام، البعث وتشرين والثورة، وهي أدوات دعاية محضة، تجمع بين دور “المنادي” و “شاعر البلاط”، ولا تمت إلى الإعلام ودوره بأي صلة.
ولما انطلقت الثورة السورية في آذار 2011، وبدأ نظام بشار الأسد بقتل المتظاهرين وتدمير المدن والقرى، ظهرت طفرة إعلامية أسست لظهور الوعي الجمعي الكمومي جلياً، نتيجة اتقان الثوار استخدام أساليب جديدة من الإعلام لمناصرة الثورة، بدءاً من الكتابة والرسم على الجدران (Graffiti) في أوقات الليل، واستعمال كاميرات هواتف الخليوي التي حملها الثوار لتوثيق ما يمكنهم من الأحداث، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، كما ظهرت آلاف المنصات الإعلامية على شبكة الإنترنت تتصدى لتشبيح إعلام النظام. ومع مرور السنوات الثلاث عشرة من عمر الثورة، استطاعت القوى الثورية احتلال مساحة إعلامية باللغة العربية وبعض اللغات الأخرى كي تخاطب الرأي العام كبديل عن عدم تمكن المؤسسات الإعلامية الكبيرة من القيام بهذا الدور بسبب منع دخولها الأراضي السورية.
ووفاء للإعلاميين الذين نشطوا لسدِّ هذه الفجوة، لا بدَّ من تكريمهم بالثناء والتقدير، خاصة تلك المؤسسات الإعلامية السورية المتواضعة التي نشطت في داخل البلاد متكاتفة مع شقيقاتها التي تناضل إعلامياً في الدول الأخرى.
نذكر من هذه الآلاف بعض الأمثلة عنها، مع الاعتذار المنصات التي لا يتسع المقال لذكرها :
https://www.syriawise.com - (harmoon.org) - (zamanalwsl.net) - www.gossur.com - https://synadome.org - https://syria-press.com https://syriadirect.org - Alsouria Net - https://aljumhuriya.net - https://www.syria.tv - https://annasnews.com
بطلان مصطلح ما زال مستعملاً
ما زالت فئة من الإعلاميين تستعمل عبارة “الإعلام نافذة نطلًّ عبرها على أحداث العالم”. حقاً إنها صحيحة وبريئة في ظاهرها، ولكنها تُقزّم كينونة الإعلام وجوهره.، وذلك لأنَّ العالم برمته قد أصبح قرية كونيّة صغيرة، في حين أنَّ الإعلام أصبح سيبرانياً ومجازاً نقول أنه أصبح خارج الزمكان الذي نعيش في كنفه.
خاتمة
أبلغ نهاية لهذا المقال تتجسد في الأمثلة الثلاث التي تبرهن على أنَّ الإعلام ما هو إلا حركة الوعي الجمعي الكمومي للأفراد باتجاه محيطهم المجتمعي:
- عندما أراد المستثمر الملياردير “راي داليو” أن يفهم أحداث العالم المتغيرة،
لم يكتف بالاطلاع فقط على آخر الأخبار، بل حفزه الإعلام كي يعمق معرفته أكثر، حتى أصبح مؤرخًا هاوياً وأمضى شهورًا في النظر إلى ما ذخر به إعلام الماضي من تجارب تعود إلى مئات السنين — وهو أمر لا يفعله أي شخص آخر تقريبًا. ولولا ذلك لما اعتلى ذروة النجاح.
- عندما أراد بيل جيتس تطوير مايكروسوفت في أوائل التسعينيات،
اعتمد على تقصي ما يرشح إليه من الإعلام، لم يكن يُعنى فقط بأحدث أخبار الصناعة وكتب الأعمال. وإنما درس العلوم بعد أن شكل فريقاً إعلامياً يساعده في نشر ما أنتجه طموحه، وكان للمعلوماتية نصيباً كبيراً في تطوير الوعي الجمعي الكمومي.
- عندما يفكر “إيلون ماسك” فيما يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى معرفته، فإنه لا يضع مهارات الأعمال بالقرب من أعلى قائمته. بدلا من ذلك يقول:
الطريق إلى مكتب الرئيس التنفيذي لا ينبغي أن يكون من خلال مكتب المدير المالي، ولا ينبغي أن يكون من خلال قسم التسويق. يجب أن يكون من خلال الهندسة والتصميم “. ورغم أنه تربع عرش امبراطورية الأعمال،شعر بأنَّ ذروة إنجازاته أن يشترى منصة تويتر الإعلامية كي تكتمل مقدرته على الاستمرار بنجاح.